السبت، 6 يونيو 2009

المواطنة فى إطار التعددية الثقافية

يُعد مفهوم "التعددية الثقافية" من المفاهيم المهمة في المجتمع الحديث، الذي بات يضم جماعات متنوعة ثقافيا، الأمر الذي يطرح إشكاليات حول "الوحدة" في إطار "التنوع"، والإنسجام في سياق "احترام الاختلاف". ونظرا لأن مفهوم المواطنة يقدم لنا إطارا قانونيا وثقافيا واجتماعيا للتعايش الإيجابي بين مواطنين متنوعين ثقافيا، فإن ذلك يطرح ضرورة لدراسة العلاقة بين المواطنة والتعددية الثقافية، تدعيما للتنوع الثقافي في بناء المجتمع من ناحية، ودعما لعلاقة الانتماء المشترك في الوطن الواحد من ناحية أخري.
وقد نمت فكرة التعددية الثقافية في أميركا مثلا وأصبحت فكرة سياسية ناشطة ضد التمييز العنصري في الستينات من القرن الماضي حيث تصاعدت المطالبة بحق الاختلاف عن الآخر وحق المساواة في الحقوق المدنية بين جميع الفئات المهمشة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بهدف تكسير الحد العنصري الفاصل بين البيض والسود.
إن أهم ميزة في البشرية هي اختلاف الثقافات البشرية وتنوّعها؛ فكلّ ثقافة تختلف عن الأخرى بسبب مسارها التاريخي الخاصّ وميّزاتها التي تجعل منها فريدة من نوعها. والحديث عن التعددية الثقافية لا يتعلّق بالتنوع أو وجود نظرة إيجابية تجاه الإختلافات بين الثقافات والتجمعات. خلافا لذلك فهي تدل على ترابط عميق للقضايا المتعلقة بالتنوع الثقافي والديني في المجتمع، وعلى الإدارة الاجتماعية للتحديات والفرص التي يتيحها هذا التنوع.
وقد اختلفت تعريفات التعددية الثقافية، إذ تستخدم الأنثروبولوجيا مفهوم التعددية الثقافية للدلالة على جماعات تختلف أنماط الحياة لدى كل منها اختلافاً شاسعاً عن غيرها. أما العلوم السياسية فتستعمل هذا التعبير للدلالة على جماعات ذات فروقات ومميزات ملحوظة تعيش في مناطق جغرافية محددة وتشكل هذه المميزات الملحوظة قاعدة لقوتها السياسية. وفي تعريف علم الاجتماع فهي رغبة بعض الجماعات في المحافظة على اوجه الشبه في ما بين أفرادها لاعتقادهم ان الصفات والقيم والمعتقدات المشتركة تشكل مصدر شعور الافراد بالفخر والثقة بالنفس والصحة العقلية والتماسك[1].
ويرى البرفيسور الكندي ويل كيمليكا، أستاذ الفلسفة في جامعة كوين الكندية أن المجتمع الدولي والمنظمات الدولية اليوم تحاول أن تماهي بين أفضل الممارسات والأبعاد القانونية في التعامل مع مسألة الأقليات، وأشار إلى الانتشار الدولي لخطاب التعددية، وان هناك لقاءات دولية لصانعي السياسة تناقش الأفكار المتعلقة بالتسامح والتعددية. ويرى البروفيسور أن ثمة معايير دولية يجب أن تتقيد بها جميع الدول، وهي معايير طورتها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ولم يغفل أن لهذه المعايير آثاراً بعضها إيجابية وبعضها ينضوي على مخاطر!
ويرى البروفيسور الكندي أن في المجتمعات الغربية ثلاثة أنواع من الأقليات: أولا الشعوب الأصلية مثل: الماوري، والهنود الحمر. وثانيا الأقليات القومية، وتعتبر نفسها أمماً مستقلة، مثل: الكيبك في كندا، والاسكتلنديين والغال في بريطانيا، والباسك في إسبانيا، والبورتوريكيون في الولايات المتحدة. وأخيرا مجموعات المهاجرين.
ويرى كيمليكا أن هجرة العمال لم تولد عنفا متواصلاً وليس لها تأثيرات عنفية متواترة، ولم تشكل خطراً على السلام الدولي، وهي لا تشكل أولوية، بل متروكة لقوانين الدول المضيفة لمعالجتها وفق مصالحها التي تتوافق مع شرعة حقوق الإنسان. ويؤكد البرفيسور الكندي أيضاًُ أن جميع الدول الغربية التي لديها شعوب أصلية وأقليات قومية، باتت اليوم دولاً متعددة القوميات، تعترف بوجود شعوب وأمم داخل الدولة، ويتم هذا الاعتراف بسلسلة من حقوق الأقليات التي تشمل الحكم الذاتي واستخدام لغة الأقلية كلغة رسمية. وأن هذه التجربة الغربية ناجحة وقابلة للتعميم. ويدعو البرفيسور كيمليكا الدول الأخرى أن تحذو حذو الغرب في ما يخص هذه المسائل، مع حقها في إيجاد معايير محلية للتعامل مع أقلياتها، ويرى أن الأمم المتحدة فشلت حتى الآن في إقناع المنظمات المحلية في قبول هذا التحدي. إذ يسود مناخ يصعب فيه مناقشة موضوع حقوق الأقليات، لا سيما في البلدان المستعمرة سابقاً، لأن هذه الدول واجهتها قضية الأقليات قبل ترسيخ الدولة وبناء المجتمع والاقتصاد، بينما الدول الغربية عاشت نوعاً من التعاقب أو التوالي في الديمقراطية والازدهار الاقتصادي.
ولكن يرى نقاد هذا الخطاب الليبرالي الغربي، أن هذا الاهتمام بالقوميات في الدول الفقيرة والتي تعاني من مشاكل عديدة، هو نوع من الإرث الاستعماري الذي يريد أن يفرض قيما وثقافة الهيمنة على باقي العالم، وأن تاريخ الغرب هو تاريخ هيمنة الأغلبية، وأن الحكم الذاتي عنده هو نوع من حماية الأقليات الهشة. ورغم الاعتراضات، فإن الغرب والمنظمات الدولية، كالأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة العمل العالمية، لم تعد جميعها توافق على أن مسألة تعامل الدول مع أقلياتها هي قضية محلية، وليس فيها ما يهم المجتمع الدولي. حاولت هذه المنظمات وما تزال تحاول قوننة معايير الحد الأدنى لسلوك الدول، فيما يتعلق بأقلياتها ولإرساء آلية عمل لمراقبة التزام الحكومات بتلك المعايير، حتى إن البنك الدولي قد أعلن أن حقوق الشعوب الأصلية هي شرط مسبق لأية دولة تسعى للحصول على مساعدات وقروض.
ويرى البرفيسور كيمليكا أن الخطاب الكوني الجديد قائم على التعددية الثقافية، وأن تدويل العلاقات مع الآليات في الدول قد وصل حداً ما عاد بالإمكان الرجوع عنه، وهو اليوم موضع جدل على مستوى العالم، ويلاقي تأييداً منقطع النظير عند بعض الأطراف المحلية الفاعلة، ويواجه بالرفض الكامل من قبل بعض الأطراف الأخرى، وهو موضع مقاومة فعلية من أطراف ثالثة. ويعترف البرفيسور بأن النقاد غالباً ما يجادلون بأن خطاب التعددية الثقافية والمقاييس الدولية، إنما تعكس بشكل مميز الظروف أو الهموم الغربية، التي ليس لها علاقة أو حاجة بهموم الأمم الأخرى[2].
وقد حذر تريفور فيليبس رئيس لجنة المساواة العرقية في بريطانيا من ازدياد الانفصال بين الفئات العرقية المختلفة في بريطانيا. وقال فيليبس ان بعض المناطق في بريطانيا آخذة في التحول الى مناطق منعزلة تشبه ال"غيتو". وحذر رئيس اللجنة من أن فشل الجامعات والمدارس في ادماج الأقليات العرقية قد يعني عزلة الأقليات عن مسايرة التطور في المجتمع البريطاني. كما أشار تريفور ان هذا الوضع قد يساعد على زيادة حدة التطرف الديني بين بعض الأقليات. ودعا المدارس التي تضم تلاميذ من أبناء السكان البيض لقبول أبناء الأجناس العرقية المختلفة للدرسة فيها. وأضاف أن الانعزالية التي تتجه اليها بعض المجتمعات والجاليات في بريطانيا قد تؤدي الى انقسام مماثل لما شاهده العالم في نيو أورليانز بعد حدوث اعصار كاترينا. وهذه ليست المرة الأولى التي يدق فيها ناقوس الخطر في بريطانيا. فمن قبل أشار تقرير أجري في أعقاب أحداث الشغب التي وقعت في البلاد في عام 2001 الى هذه القضية. وحذر التقرير من أن الجاليات المختلفة في بريطانيا تعيش حياة متوازية لاتتميز بالاختلاط الحقيقي، وطالب بادخال تعديلات كبيرة على سياسات الدولة في هذا المجال. ويرى منتقدو التعددية الثقافية أن هذه السياسة تصنف الناس بحسب لونهم وأصولهم التي ينحدرون منها مما يكرس معاملتهم بأسلوب مختلف. ويقول المنتقدون ان صناع القرار في بريطانيا يقررون أسلوب معاملة المواطنين بحسب أصولهم العرقية أولا وليس كمواطنين متساويين. وبالمقابل فان مؤيدي التعددية الثقافية يرون أنها تسهم في تقوية أواصر المجتمع، وتنشر روح التسامح بعرض صور وأنماط الحياة المختلفة لكل المواطنين مهما كانت أصولهم[3]؛ فالتنوع الثقافي الخلاق يثري الحياة الانسانية ويمد المجتمعات المختلفة بالحيوية ومن هنا اصبح التركيز علي قبول شرعية التعددية الثقافية داخل كل مجتمع‏,‏ بما يعني حقوق كل جماعة ثقافية في التعبير الثقافي عن نفسها‏,‏ في حدود حق المواطنة المكفول للجميع‏.‏ غير أن ذلك الوضع يثير اشكالية مهمة‏,‏ وهي ان تعدد الجماعات في المجتمع قد يفرض مطالب متناقضة علي الحياة السياسية خصوصا في المجتمعات المتعددة الثقافات‏,‏ فكيف يمكن لهذه المجتمعات ان تعمل؟ والجواب أن اي مجتمع لكي يعمل بكفاءة لابد ان يكون مستندا الي قاعدة من القيم المشتركة التي تتقيد بها كل الجماعات المؤسسة له‏,‏ وهناك آراء مختلفة بشأن القيم المشتركة وأولوياتها وروح التضامن التي ينبغي ان تسود[4]‏.‏

ما علاقة التنوع والتعددية بالمواطنة؟
لا توجد مواطنة حقيقية من دون تعددية حقيقية في ظل دولة الحق والقانون. وسرّ ازدهار الديمقراطية يكمن في سر ازدهار المواطنة.
ولكن في حال تواجدت التعددية في وطن ما وعلى سبيل المثال تعددية ثقافية أو تعددية دينية أو تعددية مذهبية وسواها ولم تستطع الدولة تغليب الانتماء الوطني في وجود أفرادها الاجتماعي والثقافي بل ساهمت في تعزيز التناقض فيما بينهم. فستُطرح مشكلة المواطنة والانتماء لأن أفراد هذه الدولة سيكونون منساقين حكماً أو عفوياً أو اضطرارياً الى الالتجاء الى روابط العشيرة والطائفة والتبعية وما اليها للدفاع والحصول على حقوقهم[5].
مفهوم المواطنة:
المواطنة كلمة تتسع للعديد من المفاهيم و التعريفات فالمواطنة في اللغة مأخوذة من الوطن وهو محل الإقامة والحماية، و من حيث مفهومها السياسية فالمواطنة هي (صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق ويلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه انتماؤه إلى الوطن)، وفي قاموس علم الاجتماع تم تعريف المواطنة: بأنها مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي ( دولة ) ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول (المواطن) الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الفرد والدولة عن طريق أنظمة الحكم القائمة .
ومن منظور نفسي: فالمواطنة هي الشعور بالانتماء والولاء للوطن وللقيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية وحماية الذات من الأخطار المصيرية (وبذلك فالمواطنة تشير إلى العلاقة مع الأرض والبلد.
والمواطنة بصفتها مصطلحاً معاصراً تعريب للفظة (Citizenship) التي تعني كما تقول دائرة المعارف البريطانية: (علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق - متبادلة - في تلك الدولة، متضمنة هذه المواطنة مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات)[6].
أبعاد المواطنة:
يتجلى البعد السياسي للمواطنة في مدى إحساس الفرد بانتماء الفرد إلى الوطن كجسم سياسي يتمثل في مؤسسات الدولة والأحزاب والنقابات والجمعيات، وأفكار حول الشأن العام والمجال العمومي، والأفكار التي تتبلور لدى الفرد حول هذا الجسم، ومدى سعي الفرد للتأثير فيه عن طريق الولاء أو المعارضة للنظام، أو الخوف منه، والابتعاد عنه، أو الثورة عليه. ويهتم البعد الثقافي بما يوفره الوطن من إحساس بالانتماء إلى جماعة تمثل في الهوية، وتتجسد هذه الهوية المشتركة فيما يجمع الفرد مع غيره من ممارسات الحياة اليومية من عادات الأكل واللباس والموسيقى وطقوس الأعياد والحفلات، كما أنها تتجسد في الرموز المشتركة لما يمثل الهوية الوطنية، أو الهويات الجماعية المتعايشة في ظل الوطن الواحد. وتتمثل فكرة الوطنية على المستوى الاقتصادي فيما يوفره الوطن من ما تسميه الكتابات الحقوقية "شروط الحياة الكريمة" والتي تعني سوسيولوجيا ظروف الارتقاء الاجتماعي[7].
هذه الأبعاد المتنوعة التي تجسد محتوى المواطنة، ليست مستقرة لا كأفكار ولا كممارسات، بل إنها تشهد تقلبات باستمرار نتيجة للتحولات التي يعرفها الوطن، أو الدولة الوطنية، ويعرفها المجتمع على المستويات الديمغرافية والسوسيو-سياسية، أو بسبب التوسع الهائل لظاهرة العولمة.
وللمواطنة دلالات تتجاوز التعريفات القانونية لها‏.‏ وذلك لأنه ازدادت أهميتها ونحن في خضم عمليات التغير الكبري التي سبق أن ألمحنا إليها‏.‏ وقد سبق للباحث المعروف نوربرتو بوبيو أن قرر نقطة البداية في المواطنة هي محاولة الناس العاديين فرض النظام علي الفوضي وليس هناك نهاية في الأفق يمكن تحديدها في مجال تطوير معاني المواطنة ومجالاتها‏,‏ فالبحث فيها عملية مستمرة‏,‏ ومع ذلك يمكن القول إن ماضي مفهوم المواطنة يؤثر علي الطريقة التي ينظر بها أغلب الناس في المجتمعات الصناعية المتقدمة إليها‏.‏ فالمواطن الحديث هو في الحقيقة نتاج قرون من عملية بناء الأمة التي تضمنت معارك مستمرة في مجال تحديد الانتماءات السياسية‏,‏ وحول القواعد التي ينبغي أن تحكم ممارسة السلطة السياسية داخل أطر اقليمية محددة‏.‏ ولعل هذا الذي دفع ببعض الباحثين إلي التأكيد علي أن المواطنة عادة ماتعرف بالاستناد إلي القومية‏.‏ فالمواطنون هم أعضاء منظمون في مجتمعات قومية‏,‏ يعطونها ولاءهم ويتوقعون منها حمايتهم‏.‏ وهي بالتالي هويتهم التي يتعاملون بها مع مواطنين من أقطار أخري‏.‏ ويمكن القول بالتالي إن الاحساس بالتضامن المرتبط بالمواطنة يقوم علي أساس رسم الحد الفاصل بيننا و بينهم‏,‏ أو بعبارة أخري بين الأنا والآخر غير أن الاحساس له مردود سلبي كما يؤكد جدنجز الذي ينتقد الاحساس المفرط بالوطنية الذي استغلته نظم شمولية لتحقيق أهداف قومية ضيقة‏,‏ وعلي حساب الشعوب الأخري‏.
ينظر للمواطنة في الوقت الراهن باعتبارها أفقا مفتوحا‏,‏ ويلفت النظر في هذا المجال حكم مهم أصدرته المحكمة الامريكية الدستورية العليا عام‏1950‏ ذهبت فيه إلي أن المواطنة هي الحق في الحصول علي الحقوق‏.!‏ وفي ضوء هذا التعريف الجامع فإن بعض الباحثين يرون أن له آثارا مهمة في مجال مضمون المطالب‏,‏ والأسبقيات السياسية‏,‏ وفي مجال توسيع الفضاءات العامة للنضال في سبيل الحقوق‏,‏ والتي يمكن أن تتغير من حين لآخر‏.‏ولابد لهذه العملية أن تؤدي في النهاية إلي اتساع مجال المواطنة‏.‏ ولعل مما يساعد علي هذا في الوقت الراهن‏,‏ الثورة الاتصالية التي مكنت الناس عبر أقطار العالم علي تبادل الأفكار حول المواطنة والمجتمع المدني‏.
أدت تطورات النظام العالمي إلي تأثيرات شتي علي المواطنة لعل أهمها شيوع العلاقات المتعددة الاطراف وظهور الاقليمية الجديدة‏,‏ لعل من أبرزها الاتحاد الأوروبي‏,‏ والذي أدي إلي ظهور مواطنة أوروبية بالاضافة إلي المواطنات الاقليمية المتعددة‏.‏ وقد واجهت المواطنة الكلاسيكية إرهاصات الأزمة عندما دخل العالم في التجربة السياسية للتكتلات الكبرى ونخص بالذكر منها الاتحاد الأوروبي. لقد تتبع الكثير من الجدال الساخن حول معضلة المواطنة في ظل هاته التكتلات، فقد إعتاد القوم في أوروبا إلى إبداع ما أطلقوا عليه "المواطنة الأوروبية". وكان على الساسة والباحثين أن يؤثثوا هذا المفهوم المركب والجديد بترسانة من القيم المستجدة من البيئة وقبول وضع اللجوء والتنمية المشتركة والدفاع المشترك ... الخ واللائحة طويلة. والاتجاه يسير نحو إقرار دستور للاتحاد يكون مضمونه تعاهديا بالاتفاق على الحدود الدنيا من الاشتراطات القانونية والسياسية. هكذا فإن قيام الاتحاد الأوروبي – الذي بدأ صغيرا وهو آخذ في الاتساع- أدخل تعديلات على رابطة المواطنة وبالتالي على الدولة والمجتمع، وتمثل هذه التعديلات مدخلا نحو إزالة الموانع التي كانت تفرضها الحدود الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية للانتقال من عهد الأوطان إلى عهد الكيان السياسي الكبير الخارق للحدود، وإنشاء فضاء أوسع ينتقل فيه الأوروبيون بكامل الحرية، وما يستتبع ذلك من حمايات قنصلية ودبلوماسية وتوحيد للعملة والرخص والوثائق التعريفية والجوازات ...الخ .
ويمكن القول أنه بإنشاء الاتحاد الأوروبي برز شكل جديد من المواطنة بحيث لا تكون علاقتها بدولة واحدة بل تتجاوزها من الدولة الواحدة إلى مجموع الدول التي توحدها نصوص دستورية ومواثيق تنسق السياسات والمواقف والبرامج في كافة المجالات . أكيد أن مسألة الفكر في أوروبا عدم اهتدائه إلى مصطلحات جديدة موافقة لتوصيف هذه الطفرة النوعية في البناء السياسي للدولة والمجتمع. والذي يزيد في حدة هذه المأساة أن العقل الأوروبي الجمعي تنبه بشكل غير موعى به إلى بروز معالم "هوية بين وطنية" تشاركية وتعاهدية كفيلة بان تقوي الوعي الأوروبي العام باعتماد متبادل بين الدول ومكونات المجتمعين السياسي والمدني.
وحين هلّت العولمة وترسخت اختياراتها ومناهجها وممارساتها لم نعد أمام إرهاصات أزمة، بل دخلنا في عمق الأزمة سواء بالنسبة (للدولة –الوطن) أو المجتمع أو المواطنة وأصبحنا وجها لوجه أمام تصور لرابطة كونية لم يعثر بعد على كلمة أو مصطلح يعبر عنها، يطلق عليها مؤقتا "المواطنة الكونية أو الكوكبية" ذلك ما دفع (ألان تورين) إلى الإقرار بأن رابطة المواطنة تعاني اليوم أزمة عميقة. إن النظام العولمي يتجه حاليا إلى الشروع في عملية تشبيك للدولة في العالم بأسره يحول دون اشتغال أية دولة خارج الشبكة الكوكبية بضغوطها وإكراهاتها الاقتصادية بالأساس والسياسية والثقافية والاجتماعية بالتبعية. الماسك بميكانيزمات اشتغال الشبكة هو رأس المال العالمي الذي هو لحد الآن تحت الوصاية المطلقة للشركات العملاقة الأمريكية. لقد أصبحت دولة الفضاء الوطني خرافة، لذلك نحن على حد قول (أرجون أبادوري) "في حاجة إلى تقنيات نظرية وسياسية تمكننا من تدبير الهوية والوطنية بمصطلحات مستقلة، إنها مسألة أساسية، وعلى السياسات أن تشجع تعدد الهويات بدلا من تشجيع المواطنة الواحدة"[8].
ويمكن القول إن تبلور وعي كوني بصورة متزايدة قد يؤدي إلي بروز مواطنة كونية رخوة‏.‏ ولعل هذا مادعا بعض الباحثين إلي اقتراح انشاء جمعية عامة للشعوب علي غرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم في عضويتها الدول‏.
صورجديدة للمواطنة :
اجتهد بعض علماء الاجتماع في حصر صور المواطنة الجديدة التي أبرزتها التطورات العالمية الراهنة‏,‏ ومن أبرزهم جون يوري أستاذ علم الاجتماع في جامعة لانكستر في بريطانيا‏.‏ وله دراسة مهمة منشورة عن العولمة والمواطنة جاء فيها أن هناك صورا جديدة ابتدعت للمواطنة هي بإيجاز شديد‏:‏
‏1‏ـ المواطنة الايكولوجية أو البيئية وهي تتعلق بحقوق والتزامات مواطن الأرض‏.‏
‏2‏ـ مواطنة الأقلية وهي تتضمن حقوق الدخول في مجتمع ما والبقاء في هذا المجتمع‏.‏
‏3‏ـ المواطنة الكوزموبوليتانية وهي تعني كيف ينمي الناس اتجاها إزاء المواطنين الآخرين والمجتمعات والثقافات الاخري عبر الكوكب‏.‏
‏4‏ـ المواطنة المتحركة‏:Mobility‏ وهي تعني بالحقوق والمسئوليات للزوار لأماكن أخري ولثقافات أخري‏[9].
المواطنة متعددة الثقافات:
تقوم فكرة "المواطنة متعددة الثقافات" التي يطرحها البروفيسير طارق مودود على حقيقة أن لكل مواطن في المجتمع حقوقا فردية باعتباره فردا وليس باعتباره جزءا من جماعة معينة، فالمواطنة ليست هوية أحادية منفصلة بشكل تام عن الهويات الأخرى، ومن حق كل جماعة أو طائفة داخل المجتمع أن يكون لها وجود في المجتمع المدني، وأن تعبر عن نفسها وعن رؤيتها للجميع، ولذلك فإن المواطنة عبارة عن حوار متواصل بين أطراف متعددة يسمح لكل طائفة بأن تتوافق أو تعدل من رؤية الطوائف الأخرى انطلاقا من منطق التعايش مع الآخرين.
فالمواطنة في أبسط معانيها تنطوي على حق مزدوج في أن يعرفك الآخرون، وأيضا حقك في الكفاح من أجل اعتراف الآخرين بك، ولذلك فإن المواطنة تتكون من مجموعة من الحقوق والممارسات للمشاركة الجماعية التي تعبر عن الوعي بالخصائص المشتركة بين الطوائف والأقليات جميعها داخل نفس الدولة، حتى إن تباينت فيما بينها فإن هناك مساحات مشتركة بين الجميع؛ لذا فإن التغيير لا يجب أن يتم من قبل الدولة أو الحكومة أو بقوة القانون، بل يجب أن يكون لأفراد المجتمع أنفسهم دور في الدفع تجاه التغيير بحشد قوى جماعات الضغط ومؤسسات المجتمع المدني.
والمواطنة ليست قاصرة على الدولة وحدها، بل إنها تتوزع عبر المجتمع وتناسب النماذج الثقافية المتعددة داخل المجتمع، وتعبر عنها على نحو يخالف نظام الطوائف أو الملل الذي أحدثته الإدارة العثمانية إبان الخلافة العثمانية الذي كان يسمح لكل الطوائف والأقليات أن تعيش وفق مبادئ معتقداتها أو شرائعها، فهذه المواطنة تسعى للتجميع لا التفريق، وبالتالي تهيئ للجميع المساواة في إطار هذه المواطنة. ويرى البروفيسير طارق مودود أن الأمر لا ينظر إليه فقط في سياق الحكمة الواقعية بل أيضا أنه يعد من صميم أخلاقيات ومبادئ المواطنة متعددة الثقافات التي يجب أن تسعى لاحتواء كل الجماعات المهمشة وتدير معها الحوار لتصل للفهم المتبادل[10].
[1]http://www.resp-act.net/civil_rights/CR370
[2]http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&article=350673&issueno=9955
[3]http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/world_news/newsid_4271000/4271316.stm
[4]http://www.ahram.org.eg/Archive/2001/3/29/writ3.HTM
[5]http://www.resp-act.net/FAQs/Civil_Rights/CR370/FAQ3702.php
[6] سعيد عبد الحافظ، المواطنة : حقـوق و واجـبات، مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية، القاهرة، 2007، ص 10.
[7] عبد الحي المودن، مغاربة العالم، الانتماءات والمشاركة : رهان المواطنة، المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، الرباط 2-3 يونيو2007 ص ص 2-3.
[8]http://belkis73.jeeran.com/archive/2008/10/700511.html
[9]http://www.ahram.org.eg/Archive/2004/2/5/WRIT1.HTM
[10]http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1203759269581&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout

الثلاثاء، 26 مايو 2009

المواطنة.... حقوق وواجبات

مقدمة:
شهد الدستور المصري تعديلاً لمادته الأولى للتأكد على مبدأ المواطنة حيث نص التعديل على أن مصر دولة نظامها ديموقراطي يقوم على أساس المواطنة، كما أن المادة الأربعين من الدستور تنص على أن المواطنين لدي القانون سواء‏,‏ وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أوالأصل أواللغة أوالدين أوالعقيدة‏.‏
وقد شهدت الآونة الأخيرة نقاشات وحوارات موسعة حول المواطنة ومفهومها وتعريفاتها. وذهب البعض الى أن المواطنة هي مجموعة من الحقوق في المقام الأول والبعض الآخر يرى أن المواطنة ما هي إلا مجموعة من الالتزامات والواجبات التي يؤديها الفرد تجاه وطنه.
المواطنة في مهدها الأول في صدر الحضارة الرومانية كانت ترتكز في المقام الأول على دعامة واجبات والتزامات المواطنين، ومع التطور وظهور الحركات السياسية والحقوقية وتغير المنظومة السياسية العالمية وظهور نظم الديموقراطية الليبرالية التي سعت إلى توسيع نظرية المواطنة بتوفير الدعامة الثانية للمواطنة وهي المواطنة الحقوقية والتي قسمت حقوق المواطنة إلى ثلاثة مكونات: أول تلك المكونات هي المواطنة المدنية، والتي تعد أحدى أهم نتائج القرن الثامن عشر، والتي أقر، من خلالها، بعض الحقوق المدنية مثل: حرية التعبير والفكر والحريات الدينية، وكذلك إقرار لمبدأ المساواة أمام القانون. ويأتي المكون الثاني وهوالمواطنة السياسية، والذي ظهر مع القرن التاسع عشر، وتأكد فيه على الحقوق الخاصة بالمشاركة في إدارة الشأن العام للبلاد والمشاركة السياسية مثل الحق في التصويت والترشيح للوظائف العامة. ومع القرن العشرين ظهر المكون الثالث وهو المواطنة الاجتماعية، وهوالمكون الذي يعتني بضمان حد أدنى من الأمن الاقتصادي للمواطن لحمايته من قوى السوق خاصة بعد أن ظهر على السطح عيوب الممارسات الرأسمالية وهوما كان يعني بالضرورة تدخل الدولة لضمان حدود دنيا من الأمن المادي والاقتصادي لرعاياها .
وباتت المواطنة رابطاً اجتماعياً وقانونياً بين الأفراد والمجتمع السياسي الديموقراطي. وهو ما يعني أن المواطنة تستلزم إلى جانب الحقوق والحريات مسئوليات والتزامات، وبدونهما يفشل المشروع الديموقراطي.

مفهوم المواطنة:
المواطنة كلمة تتسع للعديد من المفاهيم والتعريفات فالمواطنة في اللغة مأخوذة من الوطن وهومحل الإقامة والحماية. مواطنة هوتصريف مفاعلة من كلمة وطن‏,‏ والعرب عرفوا الوطن معرفة مبسطة فهو مجرد مقر اقامة‏,‏ مستندين الي الشرح القاموسي لكلمة وطن‏,‏ ففي قاموس لسان العرب‏,‏ نجد أن الوطن هومحل إقامة الإنسان. الوطن هوالمنزل الذي نقيم به وهوموطن الإنسان ومحله‏,‏ ويقال أوطن فلان أرض كذا أي اتخذها محلا وسكنا‏,‏ ويكاد هذا التعريف أن يتطابق مع مختلف القواميس العربية.
ولعل هذا التعريف قد أتي إلينا من زمان يسبق قيام الدولة‏/‏الوطن‏,‏ ففيما قبل الدولة الحديثة كان تعريف الوطن هوتلك المساحة من الأرض التي تقيم فيها جماعة من البشر يكونون قبيلة أوجماعة عرقية أودينية‏.‏
ومن حيث مفهومها السياسي فالمواطنة هي (صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق ويلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه انتماؤه إلى الوطن)، وفي قاموس علم الاجتماع تم تعريف المواطنة: بأنها مكانة أوعلاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي (دولة) ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول (المواطن) الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الفرد والدولة عن طريق أنظمة الحكم القائمة.
ومن منظور نفسي: فالمواطنة هي الشعور بالانتماء والولاء للوطن وللقيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية وحماية الذات من الأخطار المصيرية. وبذلك فالمواطنة تشير إلى العلاقة مع الأرض والبلد.
والمواطنة بصفتها مصطلحاً معاصراً تعريب للفظة (Citizenship) التي تعني كما تقول دائرة المعارف البريطانية: (علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق متبادلة في تلك الدولة، متضمنة هذه المواطنة مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات).
ويقصد بالمواطنة العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات. وهو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أي تمييز قائم على أي معايير تحكمية مثل: الدين أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري.
ويرتب التمتع بالمواطنة سلسلة من الحقوق والواجبات ترتكز على أربع قيم محورية هي: المساواة، والحرية، والمشاركة، والمسئولية الاجتماعية .

المواطنة حقوق:
يرى البعض أنها وطبقا للصيغة اللغوية للمواطنة هي (مُفاعلة)، وهي مفهوم اعتباري شأنه شأن أي مفهوم آخر مثل الحب والسياسة.. أي أنها مشتقة من منشأ سابق عليها موجود مثل الوطن، الأرض.. فالمشرع القانوني أوالدستوري نظّمَّ العلاقة ما بين الأرض والإنسان وأعطاها عنوان (المواطنة).
إذن هي مسألة اعتبارية مشتقة من أمور سابقة عليها فهي غير منزلة من السماء ولا نابعة من الأرض مثل الشجر. ولتقريب مفهوم (الاعتبارية) نضرب مثلاً، عملية البيع والشراء.. حيث توجد مادة ويوجد بائع وكذلك مشترٍ فالعلاقة التي تنظم هذه العناصر الثلاثة غشاً اوصدقاً هي علاقة اعتبارية.
فالمواطنة قوتها وضعفها بقوة وضعف مناشئ الانتزاع، فكما يوجد بيع سليم وآخر باطل، كذلك توجد مواطنة قوية وأخرى خاملة، بينما لا يوجد كرسي يسمى فاسد وآخر سليم. فالمواطنة هي علاقة الإنسان بهذا الوطن وهي قضية اعتبارية خاضعة للتطور وخاضعة للارتفاع والهبوط من خلال نوعية العلاقة بين هذا الإنسان والأرض أوالمجتمع. فلو افترضنا أن هذا الوطن بدساتيره ومواقفه السياسية أساء للإنسان الذي يعيش على أرضه، نجد أن علاقة المواطنة تضعف بطبيعة الحال. ولذا المواطنة ليست شيئاً مقدساً أوأثيرياً أومثالياً، فعلاقة المواطنة تشتد أو تقوى إذا أعطي لهذا الإنسان حقوقه واستجيب لحاجاته الأساسية. فالوطن بهذا المعنى ليس هو الأرض وإنما هو النظام السياسي الذي يعطي لصفة مواطنيه الثبات والاستقرار.
يمكننا أن نخلص من كل ما سبق أن المواطنة هي كلمة تدل على طبيعة العلاقة العضوية التي تربط ما بين الفرد والوطن الذي يكتسب جنسيته، وما تفرضه هذه العلاقة أوالجنسية من حقوق وما يترتب عليها من واجبات تنص عليها القوانين والأعراف،وتتحقق بها مقاصد حياة مشتركة يتقاسم خيراتها الجميع.
مع أن المواطنة تتسع باتساع الدولة إلا أن الدولة باعتبارها كياناً معترفاً به جغرافياً وسياسياً قد تضم مواطنين لهم جنسيات أخرى وليست لهم التزامات المواطنين ذاتها، وبالمثل فهم لا ينتفعون بالامتيازات ذاتها التي ينتفع بها المواطنون وفي كل الأحوال ترتبط المواطنة بالدولة القائمة التي لها سلطات إدراية ولها نظم عاملة، ولها دستور وقوانين ولم تعد المواطنة محصورة في ولاء عشائري ولا قبلي ولا طائفي ولا عرقي ولا طبقي.. بل يتجاوز الولاء هذه الأطر الضيقة ليرتبط بالوطن الأم الحاضن للجميع.
وفي ظل المفهوم الجديد للعولمة وما أتت به من تحولات سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية وتقنية فقد أصبح العالم وطننا الأكبر أوكما يقال قريتنا الكوكبية التي نسكن فيها ومن ثم ظهر ما يعرف بالمواطنة العظمى أوالمواطنة العالمية (Global Citizenship). والمواطنة بمفهومها القومي لها قيمها وبمفهومها العولمي لها قيم خاصة بها؛ فالمواطنة من مفهومها القومي لها قيمها مثل: الولاء، وحب الوطن، وخدمة الوطن بإخلاص والتعاون والمشاركة في الأمور العامة بين المواطنين. أما المواطنة بمفهومها العولمي فهي تتطلب: السلام، والتسامح الإنساني واحترام ثقافات الآخرين وتقديرها والتعايش مع كل الناس، كذلك التعاون مع هيئات ونظم وجماعات وأفراد في كل مجال حيوي كالغذاء والأمن والتعليم والعمل والصحة.
وإذا كان سؤال المواطنة في الماضي يركز على كيفية إدماج الأفراد، كمواطنين، ضمن إطار الدولة الحديثة، فإن سؤال المواطنة الآن ينصب على ما يبدو ، على معالجة عجز الدولة الحديثة عن بناء المواطنة والحفاظ عليها بسبب عدم قدرتها على دمج الأفراد وتحقيق المساواة والعدل بين الجميع .
والمواطنة بمفهومها العالمي لا تمسح أوتلغى المواطنة بمفهومها القومي فبدون تلك الأخيرة لا وجود للمواطنة بمفهومها العالمي فكلاهما يعاضد الأخر.
المواطن العالمي شخص حضاري يعتبر العالم كله وطنا له وهوشخص يمتنع عن التركيز علي الولاءات القبلية أوالعرقية أوالقومية. هو مرتاب -بصفة خاصة- في استخدام هذه الولاءات كمعيار في التدابير الأخلاقية، ولن يحس بأي شعور للاستعلاء لهويته الثقافية أوالعرقية، ولكنه يري نفسه جزءا مركبا من عدة إمكانات تشكل هويته. إنه يمكن أن يعلم الناس أن يكونوا مواطنين عالميين نسبيا ومتسامحين. وما لم تأخذ المؤسسات التعليمية في الحسبان الحاجة الجديدة إلي تنمية التسامح فإن التصادم والصراع قائم أويزيد وعلي ذلك يجب علي المدارس والجامعات أن تركز بإرادة قوية علي الأهداف العامة لتعليم الأطفال كي يصبحوا مواطنين أكثر عالمية وتسامحا وأن يكونوا أكثر استعداداً للمواطنة العالمية. وهو ما يتطلب تجديد الانتباه لأهداف المؤسسات التعليمية ودمجها الواضح بالمواطنة العالمية عند تحديد جودتها ونوعيتها. إن هذا يعكس الوضوح الأخلاقي الذي يعبر عنه مشروع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كوسيلة أفضل لخلق ظروف للسلام الدائم‏,‏ ويمكن أن ينجح التعليم العالمي للتسامح وحقوق الإنسان في حالة إذا ما تم في وقت واحد في جميع الأماكن والتقدم في التعليم من أجل المواطنة العالمية يجب أن يتم في الوقت نفسه في أماكن مختلفة؛ لأنه من الخطورة الشديدة أن يتم الالتزام من جانب واحد يتعلم الأطفال التسامح والقيم العالمية بينما تشيع بعض الدول الكراهية في نفوس الأطفال.
ويذهب الباحثون فى علم الاجتماع الى تعريف المواطنة في المجتمع الحديث نموذجياً (أي كنموذج نظري) على أنها علاقة اجتماعية تقوم بين الأفراد والمجتمع السياسي (الدولة)، حيث تقدم الدولة الحماية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للأفراد، عن طريق القانون والدستور الذي يساوي بين الأفراد ككيانات بشرية طبيعية، ويقدم الأفراد الولاء للدولة ويلجؤون إلى قانونها للحصول على حقوقهم. ومن مميزات هذا التعريف أنه بالإضافة إلى كونه نمطياً من الناحية النظرية فهو، في الوقت نفسه، إجرائي منهجي يتيح دراسة المواطنة وقياسها وتحديد مستوياتها والتنبؤ بأبعادها وآفاقها وتقييم وتقويم أدائها في أي مجتمع.
فمن الواضح في هذا التعريف أنه يتضمن آلية التعاقد (العقد الاجتماعي) فحين يفترض أن تكون الحكومة التي تسير الدولة هي المسؤولة عن ترسيخ الشعور بالمواطنة، فإنها إذا أخلت بشروط العقد، أي إذا لم تؤمن الحماية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للأفراد ولم تساو بينهم عمليا أمام القانون، كان من الطبيعي أن يخف إحساس الأفراد بشعور المواطنة والولاء لقانون المجتمع ـ الدولة التي يعيشون في ظهرانيها ـ وأن يبحثوا عن مرجعية أخرى تحميهم، أوتقدم لهم شعورا ولوكان وهميا بهذه الحماية، كالعودة إلى الارتباط بالجذور الدينية أوالطائفية والعائلية والقبلية والعرقية والإقليمية. ولتوضيح ما هو واضح فيما نرمي إليه، دعونا نقوم بتمرين بسيط بواسطة طرح الأسئلة التالية:
- ماذا يفعل المواطن الذي يتقدم لمسابقة انتقاء عمال أوموظفين حين يجد أن المواطن الآخر الأقل كفاءة أوالأقل تمتعا بشروط المسابقة قد قبل وهو غير مقبول؟ بأي جهة انتماء يستنجد وبماذا سيشعر؟ ‏
ـ ماذا يفعل أبناء المنطقة الإقليمية من الوطن عندما يشعرون بالغبن من الخدمات التنموية للدولة في منطقتهم مقارنة بمناطق أخرى من البلاد؟
ـ ما نوع الانتماء الذي يشعر الناس به أوالذي سينمو لديهم، والى أين يتوجهون باختياراتهم، عندما يجدون القوائم الانتخابية مهيأة على أساس الطائفة أوالعشيرة أوالقبيلة، ولوكانت باسم أحزاب ومنظمات وقنوات حديثة، أو عندما يصر المرشح على الإيحاء بعشيرته أوقبيلته في إعلانه الانتخابي؟ كيف للمواطن أن يستشعر حس المواطنة وهو يسمع ويرى أن الوطن يتم اختزاله بفئة معينة وأن المسؤولية بيد فئة دون فئة؟
ـ ما نوع الانتماء والشعور الذي سيستمر لدى الناس المهاجرين إلى ضواحي المدن الكبرى وأطواق الفقر عندما لا يجدون العمل ولا يتمتعون بالخدمات التي يتمتع بها مواطنوهم في المدينة نفسها؟ وما دلالة تجمعهم على أسس طائفية أومناطقية أوعرقية؟

المواطنة مسؤوليات وواجبات:
يرى البعض أن المواطنة ما هي إلا المشاركة النشطة في جماعة أوعدد من الجماعات، وتتضمن الإحساس بالارتباط والولاء لمفهوم الدولة أوالنظام المدني Order Civic وليس شخص ملك أورئيس وتقوم على فكرة الانتماء والأشياء المشتركة، وهوما يعني أن المواطنة هي عضوية نشطة في مجتمع سياسي في إطار من الحقوق والمسئوليات التي يحددها الدستور والقانون. بل أن المواطنة تعد وظيفة يتحتم على المواطنين القيام بأعبائها وهوما عبر عنه جيمي كارتر الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية حينما انتهت مدة رئاسته وعودته إلى ولايته قائلاً " انه عائد إلى أعلى وظيفة في الدولة وهي وظيفة مواطن ".
وقد استدعى مفهوم المواطن بناء مؤسسات المواطنة (أحزاب، جمعيات، تنظيمات) ليتشكل فيها، ويتدرب في إطارها، ويعبر من خلالها عن مشاغله. فتأسست – بالتالي – علاقات المواطنة التي كسرت حيز علاقات القربى الهرمية، لتعبر عن المساواة بين البشر أمام القانون، ولتستشرف إمكانات التجاوز. ويمثل المواطن بالتالي حيز المجال العام المدني؛ فهو النقطة المحورية لأي تبادل نوعي بين البشر، وهو الفرد القيمة الذي بحبه لذاته يحب الآخرين، وببحثه عن منافعه الخاصة يحقق المنافع العامة .

ويقسم الباحثون مسئوليات وواجبات المواطنة إلى قسمين: الأول مسئوليات تفرضها الدولة والثاني مسئوليات يقوم بها المواطنون طواعية.
أولا: المسئوليات الإلزامية:
وهي المسئوليات التي تفرضها الدولة على المواطنين وهي:
1- الضرائب.
2- الخدمة في القوات المسلحة.
3- الالتزام بالقوانين التي تفرضها الدولة ويسنها ممثلو الشعب في البرلمان.
ثانيا: المسئوليات الطواعية:
أما بالنسبة للمسئوليات التي يقوم بها المواطنون طواعية دون فرض التزامات عليهم بشأنها فهي:
1. المشاركة في تحسين الحياة السياسية والمدنية.
2. النقد البناء للحياة السياسية.
3. العمل على تضيق الفجوة ما بين الواقع الذي نعيشه والغايات والآمال الديموقراطية التي نرجوها.
هذا و قد أكد الدستور المصري على مجموعة من الواجبات العامة وهي:
1-الواجب الوطني في مكافحة الأمية.
2-واجب العمل.
3-واجب الدفاع عن الوطن وأراضيه.
4-واجب الحفاظ على الوحدة الوطنية.
5-صيانة أسرار الدولة.
6-الواجب الوطني في المساهمة في الحياة العامة.
وفي دراسة حديثة لمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان صدرت في أكتوبر 2007 تحت عنوان المواطنة حقوق وواجبات تناولت مدى التزام المواطنين المصريين بالواجبات القانونية والإلزامية التى تفرضها المواطنة. وقد ألقت تلك الدراسة الضوء على الجرائم التي رصدتها المؤسسة والتى تمثل فى مجملها إخلالاً من قبل بعض المواطنين في الوعى بواجبات المواطنة وذلك خلال سبعة أشهر من يناير 2007 وحتى يوليومن ذات العام حيث رصدت الدراسة فى هذا الإطار 93 جريمة على النحوالتالي: 22 حالة تهريب آثار، و16 سرقة كابلات كهرباء، و20 حالة سرقة قضبان ووصلات خاصة بالسكك الحديدية، و13حالة سرقة كابلات تليفونات، و12 حالة إتلاف ممتلكات عامه، و5 حالات اختلاس وسرقة لمدارس ومواد بناء في مشروعات حكومية، وحالة واحدة اختلاس أموال شركات عامه، وثلاث حالات قطع وإعاقة طرق، وحالتين سرقة دور للعبادة .
وقد أظهرت الدراسة أن أكثر من 24% من مرتكبي الجرائم التي رصدتها الدراسة من العاطلين، كما أشارت إلى أن 18% من الجناة من العمال وأن 15% مسجلين خطر، وأن 12% من الجناة هم من العمال أصحاب الحرف الخاصة ( نجار، كهربائي..الخ) .

خاتمة:
المواطنة: مفاعلة ـ أي تفاعل ـ بين الإنسان المواطن وبين الوطن الذي ينتمي إليه ويعيش فيه وهي علاقة تفاعل، لأنها ترتب للطرفين وعليهما العديد من الحقوق والواجبات؛ فلابد لقيام المواطنة أن يكون انتماء المواطن وولاءه كاملين للوطن، يحترم هويته ويؤمن بها وينتمي إليها ويدافع عنها، بكل ما في عناصر هذه الهوية من ثوابت اللغة والتاريخ والقيم والآداب العامة، والأرض التي تمثل وعاء الهوية والمواطنين.. وولاء المواطن لوطنه يستلزم البراء من أعداء هذا الوطن طالما استمر هذا العداء.
وكما أن للوطن هذه الحقوق ـ التي هي واجبات وفرائض ـ على المواطن، فإن لهذا المواطن على وطنه ومجتمعه وشعبه وأمته حقوقًا كذلك، من أهمها: المساواة في تكافؤ الفرص، وانتفاء التمييز في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية بسبب اللون أو الطبقة أو الاعتقاد، مع تحقيق التكافل الاجتماعي الذي يجعل الأمة جسدًا واحدًا والشعب كيانًا مترابطًا، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر أعضاء الجسد الواحد بالتكافل والتضامن والتساند والإنقاذ .
ولا يمكن أن تتحقق الديموقراطية في أي مجتمع دون أن يعي مواطنوها مفهوم المواطنة بشقيها: واجبات و حقوق. واجبات تفرضها الدولة و تحميها بسياج من التشريعات العقابية التي تلزم المواطنين بأدائها، وهو أمر لا يشوبه أية شائبة. و واجبات أخرى يقوم بها المواطنون طواعية و هو أمر لا يجوز للحكومات أن تتدخل فيه لإلزام المواطنين بأدائه، و إنما هو دور يجب أن يسعى المواطنون لأدائه طواعية. و بدون هذا الدور تفقد المواطنة واحدة من أهم ركائز دعامتها الخاصة بالواجبات و هو ما يؤدي دون شك إلى فشل التجربة الديموقراطية.
إن المواطنة باعتبارها مناط الحقوق والواجبات فى المجتمع هى الضمانة الرئيسية لمجتمع ديموقراطى يتمتع فيه الجميع بكافة الحقوق ويؤدوا ما عليهم من واجبات بصرف النظر عن الدين أوالجنس أواللغة إلا أنه في ذات الوقت يعد الحديث عن المواطنة باعتبارها حقوقاً فقط أحد أهم معوقات ترسيخ مبدأ المواطنة لأن المطالبة بالحق تتساوى مع مسئولية أداء الواجب.
مراجع الدراسة:
[1] سعيد عبد الحافظ (تحرير)، المواطنة: حقـوق و واجـبات، مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية، القاهرة، 2008 ص ص 11-12.
[2] هاني عياد (تحرير)، المواطنة في التعليم، الهيئة القبطية للخدمات الاجتماعية، سلسلة إصدارات منتدى حوار الثقافات (26)، القاهرة، 2004 ص ص 11-12.
[3] الأب وليم سيدهم اليسوعي (تحرير)، المواطنة عبر العمل الاجتماعي والعمل المدني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2007 ص 18.
[4] أماني قنديل (تحرير)، الموسوعة العربية للمجتمع المدني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2008 ص 106.
[5]http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=64549&Page=1&Part=2

الخميس، 30 أبريل 2009

الانتماء

مقدمة :
جميع الكائنات الحية على الأرض لابد أن تكون منتمية، فالحيوان ومنذ ولادته نجد أنه ينتمي ويلتصق مع والدته، ثم يتبع أمَّه وأباه، ثم المكان والموطن الذي يعيش فيه، فالدب القطبي لا يمكن أن يعيش في أفريقيا وكذلك العكس، والفيل لا يمكن أن يعيش في القطب المتجمد. كذلك الإنسان هو كائن حي منتمٍ متطور عقلاني منفعل وفاعل؛ فمنذ ولادته ينتمي إلى صدرِ أمهِ، ثم أمهِ وأبيه، وهكذا تنشأ العائلة التي انتمى إليها وينتقل انتماؤه إلى المنزل والعائلة فالشارع والحي الذي هو فيه بعدها تأتي المدرسة، فينتمي إلى فصله وأصدقائه ومدرسته، ثم يتطور الأمر إلى أبعد من ذلك إلى طائفته ومحيطه فمدينته ثم موطنه وأمته.

مفهوم الانتماء :
الانتماء Belongingness بمفهومه البسيط يعني الارتباط والانسجام والإيمان مع المنتمي إليه وبه، وعندما يفتقد الانتماء لذلك فهذا يعني أن به خللاً ومع هذا الخلل تسقط صفة الانتماء. الانتماء كمفهوم ينتمي إلى المفاهيم النفسية الاجتماعية ويعني الاقتراب والاستمتاع بالتعاون أو التبادل مع آخر وفي الحقيقة أن دافع الانتماء (الجوع الاجتماعي) إذا توافر لدي الفرد وتحفز يبلغ من القوة أنه يستطيع أن يعدل كثيراً من سلوك الفرد حتى يصبح سلوكه مطابقاً لما يرتضيه مجتمعه. فعندما ينضم الفرد إلى الجماعة يجد نفسه، في كثير من الأحيان، مضطراً إلى التضحية بكثير من مطالبه الخاصة ورغباته قي سبيل الحصول على القبول الاجتماعي من أفراد الجماعة وتجده يساير معايير الجماعة وقوانينها وتقاليدها فيتوحد الفرد مع الجماعة فيرى الجماعة وكأنها امتداد لنفسه يسعى من أجل مصلحتها ويبذل كل جهد من أجل إعلاء مكانتها ويشعر بالفوز إذا فازت أو بالأمن كلما أصبحت آمنة. والانتماء الوطني يعتبر من أوضح نماذج التوحد مع المجتمع حيث يلاحظ تأثير شخصية الأمة National Character على شخصية الفرد وتطابق شخصيته مع النمط الثقافي السائد. أما إذا لم يتوفر دافع الانتماء يصبح الفرد في حالة حياد عاطفي بالنسبة للآخرين أو المجتمع ومعنى ذلك إما أن ينحصر اهتمامه في ذاته أو يصبح في حالة ركود وعدم نشاط لعدم توفر الدافع على أداء فعل معين والشخص غير المنتمي قد انفصل عن ماضيه وحاضره ولم يعد يهتم بمستقبله.
ويعرف الانتماء بأنه "النزعة التي تدفع الفرد للدخول في إطار اجتماعي فكري معين بما يقتضيه هذا من التزام بمعايير وقواعد هذا الإطار وبنصرته والدفاع عنه في مقابل غيره من الأطر الاجتماعية والفكرية الأخرى" . وورد في معجم العلوم الاجتماعية أن الانتماء هو ارتباط الفرد بجماعة؛ حيث يرغب الفرد في الانتماء إلى جماعة قوية يتقمص شخصيتها ويوحد نفسه بها مثل الأسرة أو النادي أو الشركة . ولعل أنقى حالات الانتماء وأرقاها، الانتماء الفكري والذي يتجاوز بمضمونه كل الحالات الأخرى، والتواصل على هذا الأساس له جذوره وقوته أكثر بكثير من الحالات الأخرى. الانتماء هو شعور بالترابط وشعور بالتكامل مع المحيط، الانتماء أساس الاستقرار .
وللانتماء أشكال وألوان ومشارب متعددة وقد تأخذ صوراً مختلفة، في الدين يأخذ الانتماء إلى المذهب والطائفة الشكل الأبرز وهنا قد يكون الانتماء، ولاسيما في وقتنا الحاضر لقباً، صفة تطلق وهي ليست تعبيراً دقيقاً عن الموصوف وقد لا يعرف هذا الموصوف من نعته إلا الاسم وعندما يزداد التخلف تصبح هذه الصفة لازمة ومرافقة شاء صاحبها أم أبى.‏ كذلك في المسارب الأخرى تتحدد الانتماءات وتصنف الاتجاهات وتأخذ شكلها الموضوعي. في الأدب هذا ينتمي إلى المذهب الفلاني وذاك إلى آخر وهذا الشاعر ينتمي إلى مدرسة الشعر التقليدي الكلاسيكي وذاك إلى الحديث وفي الحديث والقديم مدارس منها الاجتماعي والديني والقومي ..الخ.‏ وفي السياسة يأخذ الانتماء إلى التنظيمات السياسية بتجلياتها (الأحزاب) الشكل الأوضح وفي حالة أرقى إلى القيادات الأوسع منها القومي ومنها الديني ومنها الرأسمالي والاشتراكي وتتعدد أيضاً المسميات والتقسيمات بتفرعاتها.‏ في مجرى الحياة يعبّر عن الانتماءات الإنسانية بالسلوك وبالممارسة ، الحب انتماء، وممارسة السلوك والأخلاق العامة انتماء وخرق المألوف الاجتماعي انتماء ..الخ .‏‏ الانتماء هو شعور لدى كل فرد يشعر من خلاله أنه جزء من المجتمع الذي يعيش فيه ويفتخر بارتباطه بمجتمعه ، وحيث تربطه بأهله أواصر كثيرة.

الانتماء والمواطنة :
يذهب الباحثون في علم الاجتماع إلى تعريف المواطنة في المجتمع الحديث على أنها علاقة اجتماعية تقوم بين الأفراد والمجتمع السياسي (الدولة)، حيث تقدم الدولة الحماية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للأفراد، عن طريق القانون والدستور الذي يساوي بين الأفراد ككيانات بشرية طبيعية، ويقدم الأفراد الولاء للدولة ويلجأون إلى قانونها للحصول على حقوقهم. ومن مميزات هذا التعريف انه بالإضافة إلى كونه نمطياً من الناحية النظرية فهو في الوقت نفسه إجرائي منهجي يتيح دراسة المواطنة وقياسها وتحديد مستوياتها والتنبؤ بأبعادها وآفاقها وتقييم وتقويم أدائها في أي مجتمع.
فمن الواضح في هذا التعريف أنه يتضمن آلية التعاقد (العقد الاجتماعي) فحين يفترض أن تكون الحكومة التي تسير الدولة هي المسئولة عن ترسيخ الشعور بالمواطنة، فإنها إذا أخلت بشروط العقد، أي إذا لم تؤمن الحماية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للأفراد ولم تساو بينهم عمليا أمام القانون، كان من الطبيعي أن يخف إحساس الأفراد بشعور المواطنة والولاء لقانون المجتمع ـ الدولة التي يعيشون في ظهرانيها، وأن يبحثوا عن مرجعية أخرى تحميهم، أو تقدم لهم شعورا ولو كان وهميا بهذه الحماية، كالعودة إلى الارتباط بالجذور الدينية أو الطائفية والعائلية والقبلية والعرقية والإقليمية. ولتوضيح ما هو واضح فيما نرمي إليه، دعونا نقوم بتمرين بسيط بواسطة طرح الأسئلة التالية : ‏
- ماذا يفعل المواطن الذي يتقدم لمسابقة انتقاء عمال أو موظفين حين يجد أن المواطن الآخر الأقل كفاءة أو الأقل تمتعا بشروط المسابقة قد قبل وهو غير مقبول؟ بأي جهة انتماء يستنجد وبماذا سيشعر؟ ‏
ـ ماذا يفعل أبناء المنطقة الإقليمية من الوطن عندما يشعرون بالغبن من الخدمات التنموية للدولة في منطقتهم مقارنة بمناطق أخرى من البلاد؟
ـ ما نوع الانتماء الذي يشعر الناس به أو الذي سينمو لديهم، والى أين يتوجهون باختياراتهم، عندما يجدون القوائم الانتخابية مهيأة على أساس الطائفة أو العشيرة أو القبيلة، ولو كانت باسم أحزاب ومنظمات وقنوات حديثة، أو عندما يصر المرشح على الإيحاء بعشيرته أو قبيلته في إعلانه الانتخابي؟
ـ ما نوع الانتماء والشعور الذي سيستمر لدى الناس المهاجرين إلى ضواحي المدن الكبرى وأطواق الفقر عندما لا يجدون العمل ولا يتمتعون بالخدمات التي يتمتع بها مواطنوهم في المدينة نفسها؟ وما دلالة تجمعهم على أسس طائفية أو مناطقية أو عرقية؟

الدراسات السابقة :
وربما تتضح لنا القيمة التربوية للانتماء لدى الأطفال، من خلال دراسة ميدانية عن "الانتماء الوطني وتقدير الذات لدى أطفال الأسرى والشهداء في مرحلة الروضة"، أثبت أن هناك علاقة موجبة بين الانتماء الوطني وتقدير الذات عند أطفال الروضة من الذكور والإناث، وأوصى الباحث بمساعدة زوجات الأسرى في رعايتهم لأبنائهم، وخصوصًا الذكور منهم، فقد يغيب عن ذهن كثير من الأسر معرفة أي أساليب التنشئة يُعتبر مناسبًا لتحقيق النمو المتكامل لأطفالهم؛ إذ يمكن أن تختار هذه الأسر بعض الأساليب التي تأتي بنتيجة عكسية تمامًا، وأكثر من هذا فقد لا تدرك هذه الأسر أهمية معاملاتها واهتماماتها التربوية في تشكيل شخصية الأطفال، وهذا يتطلب زيادة وعي الأسر باتجاهات المجتمع وحضارته وتاريخه، أي بكل مكونات ثقافته؛ لأن بعض الأسر قد لا تعرف المحتوى الذي يمكن أن يقدَّم للأطفال لغرس حاجة الانتماء الوطني، كما أوصى الباحث بالعمل على التعاون بين المؤسسات التربوية الأخرى، مثل الروضة أو المدرسة والبيت في عملية التنشئة الاجتماعية السياسية وبناء اجتماعي قوي يمكن أن يساعد على بناء تقدير ذات إيجابي لدى الأبناء، وأن تعمل وسائل الإعلام على التعاون بين هذه الوسائل والبيت؛ نظرًا لاختلاف محتوى البرامج التي قد تتعارض مع أسلوب الأسر في تنشئة أطفالها، فقد تؤكد الأسرة على قيمة معينة، ثم تأتي برامج التلفزيون مثلاً وتهدمها لما لها من تأثير على المشاهد. وأخيرًا أوصى الباحث بالإكثار من الأنشطة الترفيهية، والرياضية، والاجتماعية الهادفة والموجهة والجامعة لكل الأسر، وعلى وجه الخصوص أسر الشهداء أو الأسرى في تكامل مع علاقات الأسوياء، أو العائدين من الحرب.
ويخلص "محمد عيد عبد العزيز" في دراسته عن "الولاء وسيكولوجية الشخصية" إلى وجود علاقة إيجابية بين الولاء للوطن والصحة النفسية للفرد، حيث إن الشخص الذي يتصف بالاضطراب النفسي غالبًا ما يكون ولاؤه ضعيفًا نحو وطنه.
وفي دراسة عن :"تعزيز الانتماء للجماعة وعلاقته بزيادة قدرة ذوي الاحتياجات الخاصة على تحدي الإعاقة" أدى زيادة الانتماء للجماعة (تعزيزه) إلى زيادة قدرة الأعضاء على تحدي الإعاقة، متمثلاً في : تأكيد الذات، وزيادة القدرة على العمل واكتساب مهاراته، وزيادة القدرة على الاندماج في المجتمع، وزيادة الإيمان بالقضاء والقدر .
وفي دراسة عن : "مشاركة الشباب وسيلة للحد من التطرف والعنف : دراسة استطلاعية فى مدينة الطور - محافظة جنوب سيناء" لوحظ ضعف الانتماء عند بعض البدو للمجتمع المصري. وأن البدو لا يعرفون أن هناك ملكية خاصة للأفراد وأخري عامة للدولة، وأن الجبال والأودية والبحار ملكية عامة وليست خاصة، وأن الوحدات السكنية تحتاج منشات داعمة لها كالمدارس والمستشفيات والطرق وغير ذلك، وأنه لو سمح لكل بدوي أن يضع يده علي ما يريد من الأرض، فلن توجد أرض لإقامة المدارس والمستشفيات والطرق والخدمات عليها وهذا هو السبب الذي من أجله يتم تنظيم البناء علي الأرض، أو أن يكون في باطن هذه الأرض معادن أو بترول أو سوف تنشأ عليها صناعات أو مشروعات عامة لتخدم البدو خصوصاً والدولة عموماً، وهكذا الحال في الهدف من تقنين الصيد في البحر وحظره أحياناً من أجل التوازن البيئي والحفاظ علي الثروة السمكية من الانقراض بسبب الصيد الجائر وهكذا .
وأكَّدت "نجلاء عبد الحميد" في دراستها للانتماء الاجتماعي للشخصية المصرية أن الولاء للموطن مرهون بالإشباعات المادية والمعنوية لأفراده، وأنها الأطر التي يستقي منها في التنشئة الاجتماعية بما فيها من لغة، وفكرة، وفن (الثقافة) .
وفي دراسة عن الهوية والانتماء، أجريت في أواخر القرن الماضي، اتضح أن أكثر دوائر الانتماء أهمية في حياة الشباب الأسرة والأصدقاء، ثم الدين والمؤسسات الدينية (دور العبادة)، ثم الانتماء لزملاء العمل والدراسة. كما اتضح أن الانتماء لمنطقة السكن، والانتماء للمجتمع المحلي (المدينة التي يعيش فيها الشخص)، والمجتمع القومي يحتل درجة أقل من سابقاتها. فمن الواضح أن مشكلة الانتماء تكمن في أن الدوائر الأولية الصغيرة كالأسرة وجماعة الأصدقاء والزملاء تحتل أهمية تفوق الدوائر المتسعة كالانتماء الوطني والقومي .


الانتماء الاجتماعي :
الشعور بالانتماء للمجتمع من أهم دعائم المجتمع، والتي تحافظ عل استقراره ونموه وهو يشير إلى مدى شعور أفراد المجتمع بالانتماء إلى مجتمعهم ويمكن أن نستدل على ذلك من خلال (المشاركة الإيجابية في أنشطة المجتمع ، الدفاع عن مصالح المجتمع ، الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للمجتمع ، المحافظة على ممتلكات المجتمع ، وكل هذه المؤشرات يمكن أن تقاس ويستدل عليها بالمجتمع . فأساس الانتماء هو مشاركة سكان المجتمع وحث الآخرين على التعاون معهم لمواجهة المشكلات ووضع البرامج المناسبة لمواجهتها.
يعد مفهوم الانتماء الاجتماعي واحداً من أهم المفاهيم المركزية التي تحدد طبيعة علاقة الفرد بالجماعة في كل زمان ومكان يقابله على الضد تماماً مفهوم الاغتراب الذي يعني الابتعاد النفسي للفرد عن ذاته وعن جماعته. وسواء ابتعد الفرد عن جماعته أو غادرها إلى جماعة أخرى، فهو في كلتا الحالتين إنما يفقد انتماءه لجماعته من جانب ويواجه برفض الجماعة الأخرى له من جانب آخر لاختلاف عاداته وقيمه ونمط شخصيته وخبراته مما يسبب غربته من ناحية وعدم انتمائه لمجتمعه من ناحية أخرى، وهناك حقيقة أن البشر كائنات اجتماعية، مخلوقات تتجمع سوياً ويعتمد كل منها على الآخر جسمياً أو نفسياً عبر الحياة. فالعلاقات الوثيقة مع الآخرين تبدو من الضروريات وهي أمور تتكامل مع بقاء الإنسان ورفاهيته فالبشر قادرون على تقديم كل منهم للآخر أعظم مسرات الحياة وأفراحها وكذلك أحزانها العميقة كما يمكنهم إعطاء نوع من التعاطف والتأكيد والحماية من الأخطار وبالتالي فان حاجة الفرد للآخرين تكمن في مساعدته على حل مشاكله وإرضاء حاجاته التي لا يستطيع حلها وإرضاءها بمجهوده الخاص فيشعره بالأمن ويزيدوا من احترامه لنفسه.
وتبرز أهمية الانتماء على المستوى الاجتماعي؛ فهو العماد الفقري للجماعة وبدونه تفقد الجماعة تماسكها وتماسك الجماعة هو انجذاب الأعضاء لها والذي يتوقف على مدى تحقيق الجماعة لحاجات أفرادها فطالما أن الجماعة تحقق حاجات الفرد فيمكنها أن تؤثر على أفكاره وسلوكه عن طريق تلك الفوائد التي يحصل عليها من وراء انتمائه لها والمتمثلة فيما يلي :
-تحقيق الرغبات الشخصية والاجتماعية التي يعجز الفرد عادة عن تحقيقها بمفرده.
- الشعور بالانتماء إلى جماعة تتقبله ويتقبلها فيشعر بالأمن والطمأنينة.
- يمكن تغيير سلوك الفرد عن طريق الجماعة، فكل جماعة لها معاييرها وقيمها التي يتحتم على الفرد المنتمي إليها اكتسابها.
- يتمكن الفرد عن طريق انتمائه للجماعة من اكتساب الميراث الثقافي الذي يمكنه من التفاعل ايجابياً مع أفراد مجتمعه.
- تساعد الجماعة الفرد على ممارسة أنواع من النشاط، يستغل فيه قدراته ويكتشف قدرات أخرى.

الانتماء والأسرة :
هناك الكثير من الأشخاص يشعرون بعدم الانتماء إلى أسرهم يرون أنهم مجبرون على هذه العائلة ولو عاد الأمر إليهم لما اختاروا أن يكونوا في أسرهم من الأساس. عدم الانتماء شعور صعب لأي شخص لأنه سيشعر بالغربة داخل أسرته فما الأسباب؟ وما الانتماء؟ وما معناه؟ وكيف نحقق شعور الألفة والانتماء تجاه أسرنا؟
مما لا شك فيه أن مرحلة الطفولة تُعَدُّ من أهم المراحل وأكثرها تأثيرًا في حياة الفرد المستقبلية؛ إذ يتوقف عليها تحديد المعالم الرئيسية لشخصيته من خلال ما يكتسبه من خبرات وقيم واتجاهات.
ومن المتفق عليه بين المشتغلين بعلم النفس أن الأسرة تلعب دورًا بالغ الأهمية في إعداد الفرد وتأهيله للقيام بأدواره ووظائفه داخل النسق الاجتماعي، حيث تمثِّل الأسرة أولى المؤسسات الاجتماعية التي تحتضن الطفل منذ اللحظات الأولى لخروجه إلى الحياة وخلال كافة مراحله العمرية التالية. يرى علماء النفس أن الأسرة تقوم بمجموعة من الوظائف الأساسية، مثل الوظيفة النفسية كالحب والشعور والانتماء، والوظيفة الاقتصادية، ثم وظيفة التطبيع الاجتماعي، إلا أن وظيفة الأسرة التربوية، وخاصة فيما يتعلق بعمليات التطبيع الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية، ومنح الشعور بالحب والانتماء لا تزال هي الوظيفة الأساسية التي لا يمكن لأي مؤسسة أخرى للقيام بها، خاصة بالنسبة للسنوات الأولى في عمر الطفولة، والتي لا تتجاوز فيها دنيا الطفل حدود أسرته، والتي هي من وجهة نظر المتخصصين تُعَدُّ الفترة الخصبة الأساسية في نقل قيم المجتمع إلى الطفل، وتأصيل العمليات الخاصة بالتطبيع الاجتماعي والتي يصبح الفرد عن طريقها مستدمجًا للأدوار والاتجاهات والقيم والمهارات التي تشكل شخصيته. ومن أهم عمليات التطبيع الاجتماعي والتي تقوم بها الأسرة تأصيل الانتماء، والتي تعني أن الفرد من طفولته المبكرة يحيا في ظلِّ مجموعة من القيم والأفكار والمبادئ التي تترسَّب في وجدانه، حتى تتحول لديه إلى وجود غير محسوس، ومن خلال ذلك يصبح الفرد منتميًا إلى المكان، وإلى الأسرة، وإلى الجماعة، وإلى المجتمع والوطن.
وتعتبر الحاجة للانتماء من الحاجات المهمة التي تُشعِر الفرد بأنه جزء من جماعة معينة، سواء كانت هذه الجماعة (الأسرة - الرفاق - جماعة مهنية)، وأنه جزء من وطن معين، ويُولَد هذا الشعور الاعتزاز والفخر بانتماء الفرد لهذه الجماعة، ويُعَدُّ إشباع حاجات طفل ما قبل المدرسة وتقبله لذاته وشعوره بالرضا والارتياح أولى مؤشرات انتمائه للجماعة.
فالحاجة للانتماء من أهم الحاجات التي يجب أن تحرص الأسرة على إشباعها لدى الطفل لما يترتب عليها من سلوكيات مرغوبة يجب أن يسلكها الطفل منذ صغره وحتى بقية مراحل عمره، أما فقدان الانتماء فيعتبر من أخطر ما يهدِّد حياة أي مجتمع، وينشر الأنانية والسلبية، وفي المقابل يؤدي الانتماء إلى التعاون مع الغير، والوفاء للوطن والولاء له. ويرتبط بالانتماء بعض القيم، مثل: العطاء، والتضحية، والتعاون مع الآخرين، وهذا يلقي على الأسرة مسؤولية كبرى نحو التركيز على إظهار مواقف تاريخية تبيِّن بطولة قادة والزعماء في الدفاع عنه. وفي تقدير هؤلاء الأطفال لأنفسهم، وبشكل عام فإن للعلاقات الأسرية أثرًا إيجابيًّا في تكوين الشعور بالأمن وتطور مفهوم الذات الإيجابي عند الطفل. وحيث إن نسق الأسرة - مثله في ذلك - مثل سائر الأنساق الأخرى يكون رهنًا للظروف والمتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، فإنه بالتالي يكون عرضة للتأثر بعمليات التغير والأحداث التي تطرأ على المجتمع، مثل الحروب، وقد أشارت الكثير من الدراسات إلى أن الحرمان ومعايشة خبرات الحرب تترك آثارًا نفسية على الأطفال لا تزول بانتهاء الحرب، بل تظلُّ كامنة وتتراكم لتفرز كثيرًا ردود الأطفال غير السوية. حيث إن مفهوم الطفل عن ذاته يكتسبه في مراحل النمو الأولى، حيث تلعب الانفعالات مع الأشخاص المهمين في حياته خصوصًا والديه، دورًا كبيرًا في ذلك ويتأثر مفهوم الذات إلى حدٍّ كبير بالعلاقات الأسرية القائمة بين الطفل ووالديه، فالفروق في الأجواء الأسرية وطرق التنشئة تحدث فروقًا بين الأطفال في مكونات الشخصية، وفي تقدير هؤلاء الأطفال لأنفسهم، وبشكل عام فإن للعلاقات الأسرية أثرًا إيجابيًّا في تكوين الشعور بالأمن، وتطور مفهوم الذات الإيجابي عند الطفل .
شعورنا بالانتماء إلى أسرنا هو أن نعتبر أنفسنا غصناً من شجرة كبيرة، نشعر بأهلنا ومتاعبهم، نشاركهم أحزانهم وأفراحهم، لا نشعر كأننا غرباء وان أسرنا مفروضة علينا فرضاً. كم من شخص في كل أسرة يشعر بالنقمة والسخط من عائلته ومن وضعه ويتمنى لو انه ولد عند أناس آخرين ضاربا عرض الحائط كل التضحيات التي تقوم بها أسرته تجاهه فما سبب شعوره هذا ؟ وكيف يتحقق الانتماء داخل الأسرة؟
الانتماء الأسري يبدأ من الطفولة. فهذا الشعور يتولد من إشباع حاجة الطفل إلى القبول داخل بيئته، فالمطلوب من الأسرة قبول الابن دون ربط هذا القبول بإنجازات معينة يقوم بها الطفل.. فلو تعلم الطفل أن يقبل إذا أحسن، و يرفض إذا أخطأ سينشأ مذبذباً ضعيف الشخصية، ضعيف التقدير الذاتي..
إن قبول الطفل يعني انتماءه لأسرة يشكل أحد أعضائها.. مما يسهل على الطفل فيما بعد الانخراط في مجموعات اجتماعية أخرى. وبالمقابل يكون الطفل الذي يشعر بعدم قبول الأسرة له، أقرب إلى الارتياح و الرفض و الشعور بالوحدة..
العمل المشترك والعمل الجماعي داخل الأسرة الواحدة يبني الشعور بالتقارب الحميم لدى أفراد و أعضاء الأسرة، وهذا يعزز بالمقابل شعورهم بالانتماء، ومما يزيد هذا التماسك الأسري والشعور بالانتماء لدى الأبناء كون الأسرة مجالاً و فضاءً للعديد من الأنشطة مثل :
- التخطيط المستمر لأنشطة جماعية داخل الأسرة بعيداً عن روتين الحياة اليومية.
- قضاء فترات خارج البيت من مثل النزهات الأسبوعية أو الأجازات السنوية من صلة رحم أو استجمام في البر أو الجبل أو على البحر..
- المشاركة الجماعية في الأنشطة الهادفة مثل المخيمات وغيرها.
- ممارسة الرياضة و الألعاب.
- القراءة المشتركة الهادفة.
- الجلوس ولو 20 دقيقة يومياً لمناقشة أحوال الأسرة وخططها المستقبلية ومشاكلها.
- التعاون بين أعضاء الأسرة في أداء احتياجات البيت والواجبات المدرسية.
- تعليم الابن كيف يكون عضواً في مجموعة : القيادة، الأهداف المشتركة، التخطيط الجماعي، المنافسة، الطموح، حب التميز، الرغبة في الانتصار و التميز، المثابرة والصبر، التعاون مع الآخر من أجل هدف مشترك، العمل الجماعي.


خاتمة :
أدت الثورة الاتصالية إلى تشارك المواطنين في أنحاء العالم ذات الهموم وذات الصور، مما يؤدي تدريجياً إلى ظهور مفهوم المواطن العالمي...هذا المواطن المنتمي إلى الإنسانية في عمومها هو الذي أصبح يدرك ضرورة التشارك الإنساني لمواجهة المشكلات التي تشكل خطراً على الكوكب بأسره، بدايةً من مشكلات البيئة وانتهاءً بأسلحة الدمار الشامل. وفي المقابل تنتشر ظواهر العزلة والاغتراب وعدم الانتماء بسبب تأثير نفس الوسائل الاتصالية.
وفي ظل الظروف المتردية السائدة على مستوى العالم والمنطقة العربية والتراجع الحاصل على الصعيد الذاتي والعام، كم نحن بحاجة إلى مراجعة ذاتية وموضوعية لكل المتغيرات التي تحدث، كم نحن بحاجة أن نجسد الانتماء للوطن بكل قيمه المقدسة، ونعود لمثل هذا الانتماء، نلغي كل ما يتناقض مع ذلك، نقف مع الذات وبمراجعة جدية، نوقف حالة التدمير التي تحدث على الصعيد الذاتي والعام، نعود للقيم التي رضعناها مع حليب الطفولة، حب الوطن، التضحية، الاستعداد للعطاء، للمقاومة، ونحن في زمن المقاومة، السلوك المنسجم مع الأخلاق والقيم الوطنية، الكفاح بكل صوره، النضال وبما يترتب عليه من التزام إلى آخر ما هنالك من القيم النبيلة.
هي دعوة للانتماء الحقيقي، ويبقى الوطن، هو القدسية التي يجب أن تبقى وفي محرابه يجب أن تنتهي وتسقط كل الانتماءات الأخرى.‏

الجمعة، 3 أبريل 2009

المشروعات الصغيرة والبطالة

مقدمة:
تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة إحدى القطاعات الاقتصادية التي تستحوذ على اهتمام كبير من قبل دول العالم كافة والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، والباحثين في ظل التغيرات والتحولات الاقتصادية العالمية، وذلك بسبب دورها المحوري في الإنتاج والتشغيل وإدرار الدخل والابتكار والتقدم التكنولوجي علاوة على دورها في تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية لجميع الدول.
وتشكل المشروعات الصغيرة والمتوسطة اليوم محور اهتمام السياسات الصناعية الهادفة إلى تخفيض معدلات البطالة في الدول النامية والدول المتقدمة صناعيا بصرف النظر عن فلسفاتها الاقتصادية وأسلوب إدارة اقتصادها الوطني وتكتسي المشروعات الصغيرة أهميتها في الدول العربية من مجموعة اعتبارات تتعلّق بخصائص هياكلها الاقتصادية والاجتماعية، ونسب توفر عوامل الإنتاج، والتوزيع المكاني للسكان والنشاط. ويمكن إيجاز أهم الظواهر الإيجابية التي تقترن بقطاع الأعمال الصغيرة فيما يلي:
1. تتميّز هذه المشروعات بالانتشار الجغرافي مما يساعد على تقليل التفاوتات الإقليمية، وتحقيق التنمية المكانية المتوازنة، وخدمة الأسواق المحدودة التي لا تغرى المنشآت الكبيرة بالتوطّن بالقرب منها أو بالتعامل معها.
2. توفر هذه المشروعات سلعاً وخدمات لفئات المجتمع ذات الدخل المحدود والتي تسعى للحصول عليها بأسعار رخيصة نسبياً تتفق مع قدراتها الشرائية (وإن كان الأمر يتطلب التنازل بعض الشيء عن اعتبارات الجودة).
3. تحافظ على الأعمال التراثية (حرفية / يدوية) التي تمثل اهمية قصوي للاقتصاد المصري وتنمية هذه المشروعات الحرفية التقليدية الصغيرة يفتح الابواب لتشغيل الشباب خاصة المرأة وايضا يفتح ابوابا للتصدير بكميات كبيرة تدر دخلا للاقتصاد القومي‏,‏ ولذا يجب الحفاظ علي هذه الصناعات التقليدية من الاندثار‏.‏ والمطلوب من رجال الأعمال والدولة إقامة جمعيات أهلية متخصصة لمساندة الحرفيين وإتاحة الفرصة أمامهم للتدريب والتعليم طبقا لأحدث التقنيات مع الحفاظ علي الهوية المصرية الأصيلة، مع التأكيد على أهمية رعاية الدولة لهم نفسيا وماديا واجتماعيا حتي يستطيعوا الخروج بمنتجات تتميز بالابداع والاصالة‏.‏
4. تساعد المشروعات الكبيرة في بعض الأنشطة التسويقية والتوزيع والصيانة وصناعة قطع الغيار الأمر الذي يمكن المشروعات الكبيرة من التركيز على الأنشطة الرئيسية وذلك يؤدي إلى تخفيض تكلفة التسويق.
5. يمكن أن تكون مصدراً للتجديد والابتكار وتسهم في خلق كوادر إدارية وفنية يمكنها الانتقال للعمل في المشروعات الكبيرة.
6. إنها وعاء للتكوين الرأسمالي من حيث امتصاصها للمدخرات الفائضة والعاطلة فضلاً عن إنها توفر فرصاً استثمارية لأصحاب المدخرات الصغيرة.
أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الاقتصاد المصرى:
تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي تقوم بتوظيف أقل من 50 عاملاً حوالي 99% من اجمالي عدد المنشآت التي تعمل في القطاع الخاص غير الزراعي،كما يساهم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما لا يقل عن 80% من إجمالي القيمة المضافة،ويعمل في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة 76% من العمالة: حوالي ثلثي قوة العمل بالقطاع الخاص ككل، وحوالي ثلاثة أرباع قوة العمل بالقطاع الخاص غير الزراعي. إلا أن نسبة مساهمتها في اجمالي الصادرات المصرية لا يكاد يتجاوز 4% فقط مقارنة 60% في الصين، 56% في تايوان، 70% في هونج كونج و43% في كوريا.
تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة:
من اليسير وصف المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولكن من العسير تعريفها تعريفاً مقبولاً على المستوى الدولي بل وحتى الإقليمي ويعزي هذا إلى الاختلاف في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية من دولة إلى أخرى فضلاً عن تباين المعايير في تحديد الأسس التي يتم بموجبها تحديد شكل المشروع ومنها البيانات الإحصائية التي تستخدم في تعريفها حيث أن هناك نقصاً في هذه البيانات ولذا فإن تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة سيظل متبايناً إلا أن المتخصصين يرون بوجود أسلوبين يمكن استخداماهما الأول: يعتمد على الصفات النوعية التي توضح الفروق الأساسية بين الأحجام المختلفة للمشروعات مثل نمط الإدارة والملكية والفنون الإنتاجية المتبعة. والثاني: بالأخذ بالمؤشرات الكمية مثل العمالة ورأس المال. وفي مصر يقصد بالمنشأة الصغيرة كل شركة أو منشأة فردية تمارس نشاطا اقتصاديا إنتاجيا أو تجاريا أو خدميا ولا يقل رأسمالها المدفوع عن خمسين ألف جنيه ولا يجاوز مليون جنيه ولا يزيد عدد العاملين فيها علي خمسين عاملا. ويقصد بالمنشأة متناهية الصغر كل شركة أو منشأة فردية تمارس نشاطا اقتصاديا إنتاجيا أو خدميا أو تجاريا والتي يقل رأسمالها المدفوع عن خمسين ألف جنيه.
دور الصناعات الصغيرة في مواجهة مشكلة البطالة:
تستخدم الصناعات الصغيرة فنوناً إنتاجية بسيطة نسبياً تتميّز بارتفاع كثافة العمل، وهي تعمل على خلق فرص عمل تمتص جزءاً من البطالة وتعمل في ذات الوقت على الحد من الطلب المتزايد على الوظائف الحكومية؛ مما يساعد الدول التي تعانى من وفرة العمل وندرة رأس المال على مواجهة مشكلة البطالة دون تكبّد تكاليف رأسمالية عالية، وتوفر هذه المشروعات فرصاً عديدة للعمل لبعض الفئات، وبصفة خاصة الإناث والشباب والنازحين من المناطق الريفية غير المؤهّلين بعد للانضمام إلى المشروعات الكبيرة والقطاع المُنظّم بصفة عامة. وقد فطنت الدول المتقدمة إلى أهمية الصناعات الصغيرة فقد أصبحت الصناعات الصغيرة اليابانية تستوعب حوالي 84 % من العمالة اليابانية الصناعية وتساهم بحوالي 52% من إجمالي قيمة الإنتاج الصناعي الياباني وفي إيطاليا 2 مليون و300 ألف مشروع فردي صغير..! وفي أمريكا... وفرت الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة من 1992 وحتى عام 1998أكثر من 15 مليون فرصة عمل، مما خفف من حدة البطالة وآثارها السيئة، وأن المشاريع الصغيرة تستوعب 70% من قوة العمل الأمريكية. وفي دراسة عن دول الاتحاد الأوربي في عام 1998، تبين أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة توفر حوالي 70 % من فرص العمل بدول الاتحاد.
المعوقات التي تواجه المشروعات الصغيرة:
- من الناحية التنظيمية‏: نلاحظ أن هذه المشروعات ترتبط بجهات مختلفة كالوزارات المعنية كوزارة الصناعة والتجارة والاتحادات كالاتحاد العام للحرفيين والغرف الزراعية والصناعية والتجارية والجمعيات التعاونية للحرفيين والغرف الزراعية والصناعية والتجارية والجمعيات التعاونية والبلديات مع غياب العلاقة التنظيمية المباشرة بين تلك الجهات المتعددة لتكوين رؤية شاملة حول مصير هذه المشروعات.‏ وبصفة عامة تشير التقديرات إلى أن نسبة 40% إلى 60% من تكلفة القيام بالأعمال في مصر، تأتي من القيود الإجرائية حيث تكثر الشكاوى من اضطرار المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى التعامل مع المسؤولين الحكوميين والمكاتب الحكومية المركزية والمحلية وعدم توافر المعلومات وعدم الرغبة في تقديم المساعدة.
- من الناحية القانونية: نرى بأن التشريعات والقوانين المنظمة لهذه المشروعات لا زالت في وضع لا يسمح لنا بالقول بأنها وسيلة تحفيز لنشاط هذه المشروعات خاصة تلك التي وضعت منذ فترة طويلة.
- من الناحية المالية‏: العلاقة بين البنوك والمشروعات الصغيرة والمتوسطة فيها الكثير من الإشكالات فيما يتعلق بالضمانات, فترات السداد، الإجراءات البيروقراطية‏. غياب خدمة تمويلية تلبي احتياجات قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الآخذ في النمو، حيث أوضح أحدث تقارير البنك الدولي عن مناخ الاستثمار في مصر صعوبة الحصول والنفاذ إلى التمويل وارتفاع تكلفته أمام المشروعات الصغيرة، حيث يتم تمويل 56% من المشروعات القائمة بالتمويل الذاتي بينما تمثل مساهمة البنوك في تمويلها أقل من 40% منها 13% للبنوك العامة و26% للبنوك الخاصة. وتشير خريطة النفاذ إلي قنوات التمويل إلى أنه كلما كبر حجم المشروع، زادت قدرته علي النفاذ للتمويل وتدل الأرقام أن 78% من المشروعات الصغيرة لم تتقدم مطلقا للحصول علي قروض بنكية، وأن نسبة 92% من المشروعات الصغيرة التي تقدمت للحصول على تمويل بنكي تم رفضها.
- من الناحية التسويقية‏: التباين الشديد في أسعار المواد الأولية كالارتفاع المفاجىء في أسعارها بسبب عوامل السوق مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج لديها وبالتالي عدم القدرة على المنافسة السعرية، وتعدد الوسطاء التجاريين والمنافسة الشديدة من قبل الشركات الكبرى،‏ وضعف القدرة التنافسية لهذه المشروعات لاسيما عندما تعمل بشكل أفراد كما هو واقع الحال، وضعف القدرة الرأسمالية اللازمة للترويج والمشاركة في معارض ومهرجانات التسوق الداخلية والخارجية ومحاولة الدخول إلى أسواق جديدة.‏
وهنا نتساءل: هل توجد مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر في ظل الركود الحالي الذي يخرج عشرات المشروعات الكبيرة والمتوسطة من السوق كل يوم ويسحق المشروعات الصغيرة؟ هل يمكن قيام مشروعات صغيرة دون توافر آليات للتكامل مع المشروعات المتوسطة والكبيرة ودون حل مشاكل التمويل والدعم الفني والتسويق؟ هل يوجد مستقبل لهذه المشروعات في ظل انهيار النظام التعاوني وحصاره؟
ويحلو للمسئولين وأنصار حملة الصناعات الصغيرة الراهنة، الاستشهاد باليابان وبلدان شرق أسيا التي شهدت توسعا للصناعات الصغيرة، ودورا كبيرا لها في تحقيق نهضتها الصناعية. ومع ذلك فهذا الاستشهاد ليس في محله تماما، فإذا كانت الصناعات الصغيرة قد حققت وزنا مهما في تلك البلدان، إلا أن الصناعات الثقيلة والمتقدمة تكنولوجيا حققت وزنا أكبر وأكثر أهمية بما لا يقاس، فمن خلال الدفعة الكبرى big push التي تلقتها تلك الصناعات أقيمت القاعدة الصناعية القومية لكل بلد من تلك البلدان (كما حدث في اليابان في الخمسينيات وكوريا الجنوبية وتايوان في السبعينيات الخ)، وهي التي فتحت المجال لنمو الصناعات الصغيرة، حيث قامت بدور الصناعات المغذية لعدد من الصناعات الكبيرة. ويعني ذلك أن مروجي الأوهام عن الصناعات الصغيرة يغفلون، عن قصد أو دون قصد، الوجه الأهم للتاريخ الصناعي لتلك البلدان، والذي يتمثل في ذلك الدور القيادي للصناعات الكبيرة عالية التكنولوجيا، وبشكل خاص الصناعات الوسيطة وصناعة الآلات (أي السلع الرأسمالية)، والذي بدونه لم يكن من الممكن أن تلعب الصناعات الصغيرة دورها الهام وأن تحقق شهرتها الخاصة. وفي كل الحالات، سواء تعلق الأمر بالصناعات الكبيرة أو الصغيرة، لم يتحقق التطور الصناعي سوي بتدخل كثيف للدولة ولم يترك الأمر لعفوية السوق.
بعض المقترحات لتنمية المشروعات الصغيرة:
- العمل على تغيير القيم والاتجاهات بالتخلي عن الوظيفة الحكومية والإقبال على العمل الحر.
- توفير المعلومات والبيانات عن قطاع المشروعات الصغيرة.
- وضع سياسة عامة واضحة ومحددة الأهداف.
- التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالمشروعات الصغيرة.
- تقديم التمويل الكافي من خلال تحفيز البنوك على الإقراض بفترات سماح مقبولة وأسعار فائدة مميزة.
- ضرورة توفير غطاء تنظيمى قانونى حاضن لهذه المنشآت للتعامل السريع مع المشاكل التى تواجهها وتوفير الحماية اللازمة من خلال اجراءات نظامية وقانونية خاصة.
- أن تقدم الحكومة الحوافز المناسبة لأصحاب المنشآت فى هذه الصناعات لتشغيل الشباب وجعل الحصول على هذه الحوافز مشروطا بتوفير فرص عمل للشباب المؤهل والمعد لسوق العمل فى المجالات الصناعية المختلفة.
- توفير التدريب للكوادر العاملة في هذه المشروعات وتشجيع ودعم الابتكار والتوسع في مراكز التدريب.
- إيجاد روابط بين المشروعات ذات الأحجام المختلفة بعضها البعض بما يحسن من القدرة التسويقية لهذه المشروعات ويوفر لها إمكانات تسويق منتجاتها من المدخلات إلى المشروعات الكبيرة.