الأربعاء، 22 يونيو 2011

دور الأخصائى النفسى والإجتماعى فى مواجهة الإدمان

تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على الدور الذي تقوم به مهنة الخدمة الاجتماعية في مواجهة ظاهرة الإدمان، وكذلك توضيح الدور المهني الذي يقوم به الأخصائي الاجتماعي في علاج ظاهرة الإدمان.

ينطلق العمل الاجتماعي العلاجي في مجال الإدمان من مفهوم أساسي يتناول الإدمان بوصفه مرضا اجتماعيا بدنيا نفسيا. والأخصائي الاجتماعي في مجال الإدمان يقوم بعمله كأخصائي اجتماعي متخصص مهنيا، يتم إعداده خلال المرحلة الجامعية الاولى في كليات الخدمة الاجتماعية وأقسام الاجتماع بكليات الآداب. ويتم الإعداد المهني للأخصائي الاجتماعي خلال فترة الدراسة للقيام بدوره في العمل الاجتماعي العام على نحو محدد علميا ومنهجيا على المستويين النظري والعملي.

وعندما يلتحق الأخصائي الاجتماعي للعمل بالمستشفى يتم تدريبه على القيام بدوره كمعالج اجتماعي في مجال الإدمان وفق برامج تدريبية مكثفة يتعرف خلالها على طبيعة الإدمان كمرض، وكيفية العمل مع المريض وأسرته, ويكتسب الأخصائي الاجتماعي خلال التدريب مهارات مهنية جديدة متنوعة تمكنه من فهم خصائص شخصية المريض، وأساليبه الدفاعية، والتعرف على مشكلاته الاجتماعية وتأثيرها على حياته الشخصية والأسرية والروحية. وهو أول من يقابل المريض ولذا فعليه أن يكون عنصرا جاذبا للمترددين يحسن الاستماع والتوجيه وتتخلص مسئولياته فى التالي:

1- يقوم بإجراء البحث الاجتماعي فور وصول المريض ويجمع المعلومات المطلوبة لذلك.

2- يشترك مع الطبيب النفسي فى وضع خطة العلاج الاجتماعي ومتابعته.

3- يشترك فى جلسات العلاج الجماعي وكذلك حضور الاجتماعات والندوات المختلفة.

4- يقوم بالفحص الاجتماعي الخارجي لأفراد الاسرة حسب الحالة.

5- يتولى قيد البيانات الإحصائية المعدة لذلك ويستخلص منها التقارير الاسبوعية والشهرية والسنوية.

6- يشترك فى الاجتماعات العلمية الدورية التى تتم بالعيادة.

7- يشترك فى الأبحاث العلمية المقدمة للاستفادة من مضمونها.

ويري أغلب الأطباء المتخصصين في الصحة النفسية والمتخصصين فى علاج الإدمان أن عملية العلاج من إدمان المخدرات تحتاج إلى فترة زمنية تنقسم إلى مرحلتين:

المرحلة الاولي: المرحلة الحرجة:

تقدر بحوالي ثلاثة اسابيع ويتم فيها علاج المدمن بيولوجيا بالأدوية الواقية لتخليص الجسم من الآثار الجسمية للإدمان وعودة الاتزان الفسيولوجي لأجهزة الجسم بمعنى خروجه من الحالهة القهرية للإدمان وهي مرحلة صعبة يتعرض المدمن خلالها للآلام الكبيرة التي تصاحب عملية الانسحاب ويتم فيها إعطائه مسكنات قوية خالية من أي نوع من أنواع المخدرات وأدوية تساعد علي تحقيق اثار الابطال مع المخ والجهاز العصبي مع وضع غذائي معين لمدة خمس عشر يوما على الأقل.

ويمكن تلخيص محتوى دور الاخصائى الاجتماعى مع المدمن خلال المراحل الاولى للعلاج فى النقاط التالية:

- بث الثقة فى نفس المدمن ومنحه مشاعر الاطمئنان.

- إقناعه بأهمية العلاج وأهمية استمراره بعيداً عن المادة المخدرة.

- شرح وظيفة المستشفى للمدمن، ونطاق العلاج، ودور كل عضو من أعضاء الفريق العلاجى معه، وما هو المطلوب منه.

- دراسة أهم مشاكل المدمن والتى تعرقل خطة العلاج ومساعدته على إيجاد الحلول لها.

- الاتصال بأسرة المدمن وتهيئتها للتعاون مع الفريق العلاجى وعودة المدمن إليها بعد تمام شفائه، وعلى الاخصائى الاجتماعى أن ينقل صورة واضحة عن المدمن (شخصيتة- دوافع وأسباب التعاطي- الضغوط الداخلية والخارجية- أوضاعه الأسرية) إلى أعضاء الفريق العلاجى وتفيد فى ذلك كتابته للتقرير الشامل عن المدمن والذي يحقق فردية الحالة.

- متابعة تنفيذ خطة العلاج الطبى النفسى للمدمن ومساعدة المدمن على فهم طبيعية خطة العلاج وأهمية التسلح بالصبر والإرادة على تحمل آلام الانسحاب والاستمرار في تنفيذ خطة العلاج وعدم اليأس ويؤكد للمدمن ان التزمة بهذه الخطة لها أهمية كبيرة.

- إعداد تقرير اجتماعى شامل عن حالة المدمن منذ دخوله المستشفى وكيفية استجابتة للآخرين من المدمنين الذين يعالجون بالمستشفى وأيضا استجابته لنفسه ولأعضاء الفريق العلاجى.

المرحلة الثانية : مرحلة العلاج النفسي والاجتماعي:

لا تقل هذه المرحلة أهمية عن المرحلة السابقة وهي مرحله تبدأ من نهاية الأسابيع الثلاثة الأولي من مدة العلاج، حيث يتخلص الجسم بشكل نهائي من آثار الإدمان إلا أنه تبقي مرحلة الحنين النفسي للمواد المخدرة. وهنا يأتي دور العلاج النفسي (الفردي) أو (الجماعي) يجلسان دورياً مع الطبيب المعالج أو من خلال جماعات المدمنين السابقين أو مدمنين تم علاجهم نهائياً وأصبحوا أفراداً أسوياء فى المجتمع ويتم خلال هذه الجلسات مناقشة بعض الموضوعات المهمة التي تهدف إلى مساعدة هؤلاء علي تحقيق أكبر قدر ممكن من فهم النفس والثقة بها والاعتماد عليها والمقدرة علي المساعدة الذاتية.

ويظهر دور الخدمة الاجتماعية في التأهيل النفسي والاجتماعي الذي يبدأ بعد شفاء المريض من الأعراض الانسحابية الجسمية للمخدر وتشمل:

أولا: دور الأخصائي النفسي: ويفضل ان يكون متخصصا فى العلوم النفسية ومقاييس الشخصية وقادرا على مزاولة العلاج النفسي والفردي والجماعي. ودوره مهم للغاية؛ حيث يعالج الاضطرابات النفسية المصاحبة للاضطرابات الجسمية بالجلسات الفردية والجماعية وازالة الشعور بالرغبة النفسية للتعاطي عن طريق تدريب العقل الباطن للمريض على الاقتناع الداخلي بالتوقف عن تعاطي المخدرات. وتتلخص مسؤلياته فى التالي:

1- التعاون فى ميدان العلاج النفسى الفردي والجماعي.

2- القام بالقياسات النفسية التي يطلبها الطبيب.

3- المشاركة فى الندوات والاجتماعات والعمل على اكتساب ثقه المرضى.

4- المشاركة فى الاجتماعات العلمية.

5- المشاركة فى الابحاث العلمية الجارية بالعيادة.

ثانيا: دور الأخصائي الاجتماعي في علاج حالة المريض عن طريق دراستها من خلال التاريخ الشخصي والاسري والعائلي للمريض للوصول الى المشكلة الحقيقية التي أدت الى استخدام المخدرات وحلها بأساليب اجتماعية مناسبة عن طريق المقابلات الفردية والجماعية والارشادية وتعاون الاسرة لزرع الثقة في نفوس المرضى وتوجيه سلوكهم توجيها سليما.

والامر معقد ويحتاج الى معالج متخصص وعلى كفاءة عالية للعمل على حل مشكلات المريض ووضع خطة التدخل العلاجي المناسب وربط المريض مع الرعاية المستمرة وعمل التدخلات الاسرية والارشاد الاسري اللازم لاسرة المريض. ومن ذلك تتبين اهمية المهارات التي يتم تدريب الأخصائي الاجتماعي عليها في مجال الإدمان بوصفه معالجا. وأهم هذه المهارات مهارات المواجهة البناءة حيث يقوم المعالج بمواجهة التناقض الذي يظهر في اقوال المريض او بسلوكياته وافعاله، حيث تبدو مظاهر التناقض في رؤية المريض لنفسه ورؤية الآخرين له، فهو مثلا يصف نفسه بأنه شخص اجتماعي بينما يراه المعالج ميالا للانسحاب من العلاقات الاجتماعية ومنطويا على نفسه وهو يرى أنه قادر على السيطرة على إدمانه وأنه غير مدمن بينما يجده المعالج قد تعاطى المخدرات منذ فترات طويلة وتنقل بين أكثر من مخدر وتزايدت الجرعات التي يتعاطاها الى مستويات مؤذية في بعض الحالات، والمريض يرى أنه لا توجد مشكلات اجتماعية في حياته من إدمانه سواء على المستوى الشخصي أو الأسري فهو يرجع وجود زوجته في بيت أهلها الى تأثير أهل زوجته عليها ويرجع فقده لعمله إلى اضطراب العلاقة مع رئيسه أو عدم الارتياح للعمل ودخوله السجن إلى مشاجرة مع أحد الأشخاص تلك النماذج من حالات انكار المريض ومراوغته تحتاج الى مواجهة من المعالج حيث يتعامل المعالج مع الرؤية المحرفة للمريض إلى نفسه وللآخرين مستخدما أساليب وتقنيات المواجهة فيكشف المتناقضات بين ما يقوله المريض وبين سلوكه فهو يقول جئت للعلاج في المستشفى بنفسي ثم يطلب الخروج دون إكمال البرنامج وقبل انتهاء مدة العقد العلاجي متعللا بوجود مشكلات أسرية يتوقف حلها عليه، أو خشية ضياع العمل وعندما تتم المواجهة والمناقشة الموضوعية وتبصير المريض بنتائج أعماله فهناك نسبة محترمة من المرضى تغير من رأيها وتستكمل البرنامج.

والمواجهة اليومية بين المعالج ومريض الإدمان تتطلب دائما وجود علاقة إنسانية إيجابية مشتركة بينهما، ومع مرور الوقت وأثناء فترة العلاج تنمو العلاقة المهنية العلاجية وتتكون عوامل الثقة في المعالج ويتقبل المريض مواجهة المعالج ويبدأ الاتساق لدى المريض فيما يقوله وما يفعله وتقل دفعات الغضب والانفعال لأن المواجهة تساعد المريض على التركيز على مشكلاته التي غيرت مجرى حياته وهي تحطم غالبا الدفاعات الشعورية واللاشعورية التي يستخدمها المريض في التعامل مع الآخرين. وعندما ينجح المعالج في تكوين العلاقة الإيجابية مع المريض يبدأ في اخراج المشاعر والسلوكيات التي كان يحاول انكارها او تجاهلها الى السطح، وعندما يدرك المريض انه شخص غير سيىء ولكن له سلوكيات سيئة يمكن التعامل معها وتعديلها والتخلص منها تكون العملية العلاجية قد آتت أكلها حينئذ يتعلم المريض انه مسؤول عن تعافيه ويتعامل مع مشكلاته بشكل واقعي ويندمج في جماعات العلاج المساندة وبطبيعة الحال يستفيد المعالج الاجتماعي من كافة الانشطة العلاجية في تغيير اتجاهات المريض وتنمية الجوانب الايجابية لديه من خلال الجلسات الفردية وجلسات العلاج الجسمي والمحاضرات التشخيصية وجلسات التعافي. كما أن للمعالج الاجتماعي دوراً مع أسرة المدمن؛ فمن خلال الجلسات الأسرية في المستشفى يتم تخفيف أثر الضغوط الأسرية على المريض، وشرح طبيعة الإدمان كمرض ومساعدة الأسرة على التعبير الشفاهي عن مشكلاتها مع المريض. ويتم شرح أهمية المساندة الصحية للمريض ومعاونته في الحضور الى المستشفى وفي حال الانتكاس. والمهم, أن الأخصائي الاجتماعي يقوم بمهام متعددة لكنه يعمل دوما من خلال الفريق العلاجي المخصص للمريض. ويعتمد هذا البرنامج العلاجي على محاضرات تثقيفية وجلسات علاجية الهدف منها زيادة استبصار المريض وفهم نفسه بصورة شاملة واكساب المريض مفاهيم جديدة وافكاراً جديدة لمعرفة الاضرار النفسية الناجمة عن الاستمرار في التعاطي.